اقلام ليبية كبيرة … عاث عليها الزمن , صابها وباء الاصطفاف , بعد ان غزا ليبية وباء الاستقطاب وجال بين الشوارع منادي ينادي ” أنت مع من ! ” فلم نعد نميز الصواب ومن الخطأ و اختلط علينا الأمر بين الحقيقة والزيف ..
فعلى ما يبدو أن حالة الانقسام والتشظي التي أصابت البلاد نالت من النخب الفكرية والثقافية والسياسية والمجتمعية التي تعد عمودا اساسيا لبناء الراي العام والفكر في قواعد الدولة الأساسية وبلورة الأحداث وتعريبها وترجمتها في قوالب فنية وأدبية وثقافية لمائدة المواطن الشرهة لمن يجيد دبلجة القضايا والملفات في أسطر يمكن استخلاص منها نتائج الامور مآلاتها لتفاضل فيما بينها .
اذكر اني في مشاركات متواضعة في ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب والتي ناديت فيها إذ سمعت حيا بصوت جهور ” اين المثقفين مما يحدث اليوم ؟ ” تساؤلات لم من اجد من يردها الا اصوات خجولة تبادرك ” سيدي الكريم خارج الموضوع ” يعود اولئك المحملين بمسؤولية تبني قضايا الوطن بنبذ شرورة لقراءة قصيدة قديمة ومحاولة فهم طلاسمها , بعيدا عن الواقع وهروبا منه ليتركوا مسؤولياتهم لمن لا يسحق .
بعبارات خارج النص او المضمون او البحث عن الحقائق , واستخداما لهذه الشعارات حاول جاهدا من حاول ان يلائم جرحا اصاب وطنا في شريانه الرئيسي ( النخب ) بأن يبدأ كتاب جدد في الظهور كحالة فريدة من نوعها , بدون قواعد او تسليم واستلام عهدة اجيال وبدون مرجعية تستند لإرث من قبها , لتوصيف حالة النخبوية بمرحلة سريرية من غرغرينا في اطراف الانتاج والابداع تستوجب التدخل الجراحي قبل أن يبثرها الزمن .
لا يخفى على احد حالة التي أصابت الاقلام والنخب والاصوات من اسهاب في الحجم و إخلال بالمضمون , اقلام نالتها موجة التخوين والإقصاء والطمس والطفس , حتى ان لم تجد يوما من يعطف عليها مساحات حرة تقبل الرأي الآخر , ولم تجد نفسها الا مؤجرة او مجرورة الي شرك المواجهة في حروب الكراهية والحقد التي خدتها الصراعات او ربما تكون هي من خلقت تلك الصراعات الغائبة والحاضرة دوما على أساس ( قبلي جهوي عقائدي فكري سياسي )
واه اسفاه على ما نراه , فعندما ترتدي الأقلام الكادر ( الحذاء العسكري ) وتحمل البندقية لمواجهة نفسها لتقتل الفكرة في معهدها وتجدها أول من تحارب نفسها بل هي أشد عدو لذاتها فكم نعتصر ألما على ما نراه .
تاريخ معاصر والأجيال الثلاثة للنهضة الثقافية والفكرية والذي بدء بالمؤسسين مرورا بأدباء الإصلاح , ووصلا الى مثقفي التغير , أجيال بنو دولة متينة حضرية من نجوع وخيم , وشيدوا سروح مدن في قلب الصحراء القاحلة وصل بها الأمر اليوم في ما نخجل من حديث عنه
” لماذا يغيب دوركم ؟! ”
وبعيدا عن التفاصيل , إلا ان تساؤلات تحاصر الذهن المتشبع بحالة الاستيقاظ والتنوير المجتمعي الذي تخلق لا اراديا حالات الصراع الأهلي ليكون حصنا مانعا لتكرارها , ما يستوجب الإجابة عنها , وإبراز دورها وإدراك حجم مسؤولياتها , وتفعيلها قبل فوات الاوان .
للكاتب : إبراهيم بلقاسم
ملاحظة : المقالات تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي أسطر مع احترامنا لكل الآراء