بقلم/ د. علي الصلح
باحث وخبير اقتصادي
أوضحت التطورات الاقتصادية خلال الفترة الماضية في ليبيا ان هناك عمليات اقتصادية “طائشة ” فيما يخص الاستقرار الاقتصادي ، حيث يُعبر الاستقرار عن مفهوم النمو المستقر وانخفاض البطالة واستقرار في الأسعار وتوازن ميزان المدفوعات ، وذلك المفهوم وفقاً لمربع السحري للاقتصادي ” كالدور” للدول النامية ؟؟
حيث شهد القطاع المصرفي” السياسة النقدية” انقسام في مجلس الإدارة واستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية لأسباب خاصة بالانحياز السياسي وانقسام الحكومات لاسباب اجتماعية وسياسية ايضاً ، فقد واجه الاقتصاد الليبي عدة محطات من الاضطرابات الاقتصادية وامتدت الازمة حتى اصبح من الصعب تحديد أسبابها مقدماً، فالأسعار ترتفع والسيولة تختفى من المصارف والبطالة ترتفع ويستمر العجز في ميزان المدفوعات واصبح المنطق لا يتحدث بسبب الفساد المنتشر خلف الحكومات.
من المهم التمييز بين الأداء الاقتصادي وفقاً لمؤشرات الاستقرارالاقتصادي للدول النامية والإصلاح الاقتصادي حيث بلغ معدل البطالة حوالى 17.8 % ، ومعدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي يصل الى 55% ، وتضخم يقدر بحوالي 12.1% ، كما سجل مؤشر الميزان عدم توازن بعجز في الميزان التجاري والحساب الجاري الى الناتج المحلي الإجمالي.
اذا سلمنا ان مصطلح الإصلاح الاقتصادي يعني اصلاح الأداء والذهاب نحو اقتصاد مستقر فان البداية سوف تكون بميزان المدفوعات حيث يقوم الميزان باحتساب جميع العمليات التجارية التي تتدفق داخل البلاد وخارجها وفي نهاية الأمر سيوضح ميزان المدفوعات ما اذا كانت لدى الدولة مستقبل مزدهر في إنتظارها أو العكس من ذلك، كما ان العمل على تخفيض البطالة وتحريك عجلة النمو الاقتصادي ،حيث أنه من الممكن تحديد معدل النمو الخاص بالاقتصاد الليبي عن طريق التحكم في حجم الأموال التي يطبعها المصرف المركزي، فاذا تم طبع المزيد من النقود فسينفق الناس أكثر ويزداد التضخم وينشأ ” التضخم الركودي “.
ففي السياق النقدي تحاول حكومه الوفاق تسديد ديونها المتراكمه منذ سنوات سابقة عن طريق السياسة النقدية ” مصرف ليبيا المركزي ” حيث اتخذت العديد من الإجراءات المالية و النقديه من رفع الدعم وفرض رسوم ومن أهم تلك الإجراءات تحديد رسوم على سعر الصرف الأجنبي واستهداف التضخم في محاولة منها لايقاف – الازمة والتقليل من التمرد الشعبي- الا ان قطار الفساد في الاعتمادات المصرفية وتشغيل الاقتصاد بسياسة نقدية وإعادة النقود المحلية الى المنظومة المصرفية المنقسمة التي يقدر حجمها ب حوالى 34 مليار دينار ليبي ، يحتاج الى شروط من أهمها : استقلالية المصرف المركزي ، ومرونه الأسعار تفعيل الرقابه وتحسين مستوى الأداء … وإذ ما افترضنا نجاح ذلك الاستهداف فأن على المصرف المركزي ان يتفادى الاتى : انخفاض الاحتياطي النقدى و مشكلة انكماش العملة في المستقبل وان يضع ضوابط للقطاع الخاص وان يصنع تنمية نقدية للقطاع الخاص.
“والنتيجة المحتملة لهذا الاستهداف ورفع الدعم وليس الإصلاح : محاربة التضخم عند المستهدف فقط ، وانخفاض مستوى المعيشة بسبب رفع الدعم ،وإعادة السيولة للمصارف ، وليس محاربة البطالة بسبب عدم خلق فرص عمل خاصة في القطاع الخاص والاستفادة من المزايا المقدمه لهم واخضاعهم لشروط التوظيف ، أو زيادة النمو الاقتصادي بسبب تكلفة الفرص الضائعة “.
الخلاصة
ان مصطلح الإصلاح يشمل الأداء الاقتصادي للدولة، ويمكننا القول دون مبالغة ان الاستقرار الاقتصادي أكثر أهمية لقبول ازمة بلد منقسم فالحكومات تديرها البنوك المستقله وتجربة “التحرر الكمي “هي احد مضاعفات الانقسام السياسي.