الرئيسية مقالات كيف نفهم الوطنية في افريقيا

كيف نفهم الوطنية في افريقيا

الخميس 17 أكتوبر 2024 - 12:43 م

الكاتب: خالد بن علي

تعرضت دول الجنوب العالمي لحملات استعمارية في القرن التاسع عشر، نتيجة لتخلف تلك الأقاليم أمام الثورة الصناعية واكتشافات الإسبان والبرتغاليين. وقبل مغادرة الإمبراطوريات الغربية لمستعمراتها، اتفقت على ترسيم الحدود بين الدول، كما فعل سايكس وبيكو في الشرق الأوسط. فتأتي شعوب هذه الدول وتجد نفسها في تقسيمات وطنية، لها حكامها وأعلامها وحدودها، تماماً كدول أوروبا الحديثة، غير أن الفارق بينها، أن دول أوروبا لها سيادتها ومشاريعها الخدمية لشعوبها، وقلّما تجد خصومة بين تلك الشعوب، فهي مشغولة بنفسها.

لكن في عالمنا الذي سمي بالثالث، لم تُفهم الأوطان على أنها تقسيمات إدارية تُنظّم حياة الناس وتقدم مشاريع خدمية لصالح الشعوب، يجد فيها الإنسان ذاته وسكينته، فحكومات هذه الدول وبعقلياتها الملكية قدّست عروشها والأوطان التي يحكمونها، وحرّضت الشعوب على خصومة الجيران. في بلداننا حيث تغيب الرؤية والتنمية والمشاريع التي تنشغل بها الحكومات وشعوبها، تجد المشاكل الحدودية واحتضان المعارضة والانفصاليين وغيرها من الإشكاليات تُغذَّي العدواة بين الجيران. الجيران الذين تجمعهم لغة ودين وعرق وهوية، إلا أن هذه العناصر القوية ذابت في الخط الحدودي الذي وضعه المستعمر. فصراع هنا بين الجزائري والمغربي، والسوداني والتشادي، والصومالي والأثيوبي، والروندي والكنغولي. فحالة التعصب التي تُحرّك بعض الشعبويين، مصدرها جهل وتجاهل التاريخ المشترك بين هذه الشعوب، وغياب الوعي بالتحديات الحقيقية للشعوب والأمم.

ومع الأسف الشديد تجد المثقف والمتعلم الذي بلغ مرحلة من الرشد يستثار من تصريح سياسي ضد حكومة بلده أو خريطة منطقة متنازع عليها. أين هذه الحماسة الوطنية عندما شرع المستعمر في رسم هذه الحدود؟ لماذا سمحنا له بإبعادنا عن المضيق الفلاني أو جعلنا في أرض حبيسة، ولماذا لم نحظى بحقول النفط؟ فطالما أننا تأسينا بالغرب في شكل الدولة الحديثة، بقي أن نفهم أيضاً تسامحهم أيضا في التعامل مع الجوار، وأن الحدود مجرد تنظيم إداري وليس هالة قدسية. مواطننا ليس أشرف ولا أذكى من جاره، والوافد إلينا ليس قاطعاً للأرزاق. ولا يعني هذا الفهم للوطنية القضاء على روح الوطنية والانتماء، بل القضاء على العدوانية المستندة على الوطنية الزائفة، ويجب بذل التضحيات لإعمار الوطن ورفاه شعبه.

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.