الرئيسية ليبيا الدباشي لـ أسطر .. لا أستبعد الترشح للرئاسة في ظروف معينة والوفاق غير شرعي

الدباشي لـ أسطر .. لا أستبعد الترشح للرئاسة في ظروف معينة والوفاق غير شرعي

السبت 15 سبتمبر 2018 - 12:27 ص

في لقاء خاص أجرته معه أسطر المندوب السابق لليبيا لدي الأمم المتحدة ابراهيم الدباشي يجيب عن اسئلتنا بالآتي ..

– انت متهم من قبل البعض بأنك وعبدالرحمن شلقم السبب في تدخل الناتو وانكم من جلبتموه ، هل توضح لنا حقيقة ما حدث ؟
امر طبيعي بعد سبع سنوات من انتصار الثورة، وعزل الخبراء، وتولي الجبناء الفاسدين وعديمي الخبرة للسلطة، وتكريس الفوضى وتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطنين مقرونة بغياب الثقافة السياسية، ان ينسى البعض الظروف الي قامت فيها الثورة والضرورة الملحة لتغيير النظام، وان يوجه النقد لمن كان السبب في نجاح الثورة، وان يجد انصار القذافي وشركائه، الفرصة لالتقاط الانفاس و التمترس وراء الوطنية التي كانت غائبة عنهم أربعين سنة، ويلقوا باللائمة فيما يجري بليبيا على الثورة والتدخل الأجنبي ومن طالب بحماية المدنيين، رغم ان الثورة والتدخل الأجنبي انتهيا رسميا بموت القذافي وإلغاء النص الوارد في قرار مجلس الامن الخاص بالتدخل لحماية المدنيين، في اكتوبر 2011.

لا اريد ان اتحدث باسم السيد عبدالرحمن شلقم، ولكن أقول بكل وضوح باننا طالبنا الأمم المتحدة بفرض حظر جوي فوق ليبيا لحماية المدنيين ومنع القذافي من استغلال الطيران في جلب المرتزقة وقمع الثورة،  واستجاب مجلس الامن للطلب، وطلب من الدول القادرة تنفيذ الحظر الجوي، الذي قاده في النهاية حلف الأطلسي بسبب رفض تركيا قيادة فرنسا للعمليات، وما قمنا به كان مصدر فخر وتقدير من جانب غالبية الشعب الليبي في ذلك الوقت.
وهذا لا يعنى اننا موافقون على كل ما قامت به الدول المشاركة في فرض الحظر، فنحن ندرك ان حلف الأطلسي ارتكب أخطاء سواءً اعترف بها ام لم يعترف، وكان من واجب الحكومات التي أتت بعد الثورة ان تحقق في كل التجاوزات المقصودة وغير المقصودة لحلف الأطلسي وتطلب التعويض للضحايا، ولا يمكن ان ألام لا انا ولا السيد شلقم على ما جرى بعد انتهاء الثورة لأننا لم نكن أعضاء في أي حكومة ولم نشارك او نُستشار في اتخاذ أي قرارات.
ولكن اريد ان أؤكد هنا بان تدخل الأمم المتحدة كان ضرورياً لنجاح الثورة، ومنع المذابح، فالقوة لم تكن متكافئة والقذافي لا يعرف الرحمة عندما يتعلق الامر بتهديد حكمه، والسوابق علمتنا ان لديه قدرة خارقة على تحويل أنصاره فجأة الى مخلوقات متوحشة لا يردعها خلق ولا دين ولا قانون، تقوم بنصب المشانق حتى للأقارب والتعلق بأجساد الضحايا وهم في حبل المشنقة. ولدينا الكثير من الأشرطة المرئية التي توضح هذا السلوك الهمجي. ولو قدر الله وفشلت الثورة لغرقت البلاد في مرحلة جديدة من سفك الدماء والطغيان واذلال الشعب بقيادة أبناء القذافي.
وانا اعتز بالدور الذي قمت به في الثورة، وهو دور ينطلق من المصلحة العليا للبلاد في تغيير سريع لنظام الحكم لكي تتمكن من استغلال مواردها في الداخل ويكون دخل المواطن والخدمات التي تقدم له في مستوى ثروات بلاده وينتهي وضع الشعب الافقر في البلد الاغنى.

– هناك اتفاقيات بين ليبيا وإيطاليا في عام 2008 بتعويضها عن فترة الاحتلال هل تعتقد ان إيطاليا تتهرب من تنفيذ الاتفاقية؟

لا اعتقد ان إيطاليا تتهرب من تنفيذ الاتفاقية، لان التعويضات لا تساوي شيء مقارنة بأرباح الشركات الإيطالية في ليبيا
التعويضات الإيطالية لليبيا عن فترة الاستعمار  يجب إعادة النظر فيها لتكون على غرار تعويض المانيا للكيان الصهيوني. فالفاشية الإيطالية ارتكبت في ليبيا نفس الاعمال الوحشية التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، ومعسكرات الاعتقال في ليبيا تشهد على قتل مئات الالاف من الليبيين، والمشانق كانت في كل مكان، وثروات البلاد كانت بيد المستوطنين الطليان، ومن ثم لا يمكن ان يكون ما ورد في اتفاقية 2008 الا جزء بسيط من التعويض ونوع من التعبير على النية في التعويض الحقيقي. وليبيا لديها من الأوراق ما يمكنها من انتزاع تعويض عادل من إيطاليا اذا توفرت لديها حكومة رشيدة.

– في عام 2006 كانت هناك اتفاقية بين الاتحاد الافريقي والاوروبي بشأن الهجرة غير النظامية في رايك هل نجح المجتمع الدولي في تنفيذها خاصة فيما يتعلق بالدولة الليبية؟

حسب علمي لا توجد اتفاقية بين الاتحادين، ولكن هناك اتفاق على التعاون في مجال الهجرة وفقاً لمجموعة من المبادئ، تقوم على تشجيع التنمية في بلدان المصدر واحترام حقوق المهاجرين. ولكن لا توجد أي جهود فعلية من جانب الاتحاد الأوربي لدعم التنمية في البلدان الافريقية.

– ما هو موقفكم من حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي بشكله الحالي وبماذا تفسر تمسك المجتمع الدولي بدعمه ؟

ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني سلطة غير شرعية مفروضة على الليبيين من بعض الدول عن طريق مجلس الامن، والمحاكم الليبية أعلنت ان قراراتها باطلة، واستمرارها في الحكم دون أساس دستوري او تفويض من الشعب سيضع أعضائها في خانة العملاء لدول اجنبية وقد يتعرضون لأقسى العقوبات القانونية في المستقبل، خاصة وانها لم تنجز شيئاً والأوضاع المعيشية لليبيين تدهورت بشكل درامي منذ توليها السلطة.
للأسف المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الامن منخدع باراء بريطانيا وإيطاليا اللتان ترغبان في استمرار الفوضى في ليبيا، ولذلك اعترف بحكومة الوفاق قبل ان تشكل واكد باستمرار دعمة للمجلس الرئاسي رغم فشله الواضح على كل المستويات.

– ما هو موقفكم من قيادة الجيش التابع لمجلس النواب وهل تجد انه يمثل جيش ليبيا بالكامل ؟

قيادة الجيش سواءً اتفقنا عليها ام لم نتفق هي السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا في الوقت الحالي من بين جميع السلطات، لان قرار تعيين المشير خليفة حفتر قائدا عاماً صدر عن مجلس النواب بنصاب كامل لم يشكك فيه احد وقرار التعيين غير محدد بمدة، اما بقية السلطات فجميعها منتهية الصلاحية او تفككت او تعتبر قانونياً غير موجودة. والجيش رغم اننا لا نستطيع ان نقول انه كل الجيش الليبي الا انه الجزء الوحيد من الجيش الليبي الذي عاد للعمل كمؤسسة نظامية، بينما بقي جزءًا كبيراً من العسكريين خارج الخدمة او يعمل مع المجموعات المسلحة خارج النظام العسكري.
وقد تم الاعتراف به كجيش وحيد لليبيا من جانب الموقعين على الاتفاق السياسي الذين خلق بعضهم مشكلة من تولي المشير حفتر لقيادته العامة، ولو كان مجموعة مسلحة كبقية المجموعات لما اعترض احد على منصب القائد العام.

– هل لديك انتماء او ميول لأي من الأحزاب الليبية ؟

ليس لدي أي ميول الى أي حزب ولا انتمي لأي منها ولا اعتقد ان هناك أحزاب بالمعنى الحقيقي في ليبيا، فالتجربة الديمقراطية حديثة والاطار القانوني السليم للأحزاب لم يتوفر بعد.

– ما رأيك في عمل الأحزاب في ليبيا طيلة السنوات الماضية ؟

كما قلت سابقاً لا توجد أحزاب في ليبيا هناك محاولات لخلق تنظيمات سياسية بعضها قام بها افراد لتلبية طموحات شخصية وبعضها تشكلت حول افراد فيما يشبه الفزعة لتحاشي انفراد توجهات معينة بالسلطة، والبعض تجميع لأقارب وأصدقاء لأهداف شخصية. وقد يكون الاستثناء الوحيد هو تنظيم الاخوان المسلمين، فرع ليبيا، وهو جزء من تنظيم دولي لدية تجربة كبيرة في المناورة السياسية واستخدام الطرق المشروعة وغير المشروعة في استقطاب المؤيدين واسكات وتحييد الخصوم.

– كيف تعلق على احداث طرابلس الأخيرة وهجوم اللواء السابع على تشكيلات طرابلس المسلحة ؟

لن تستقر الأوضاع في ليبيا طالما ان الامن في العاصمة موكول الى مجموعات مسلحة، وطالما استمر تهميش الشرطة وأجهزة الامن الداخلي والخارجي. لقد ثبت ان المجموعات المسلحة سلطة اعلى من الحكومة، وهي صاحبة القرار الفعلي في التصرف في أموال الدولة، وهذا الامر سيبقى حافزاً لكل المجموعات المسلحة لان تعمل على ان يكون لها موطأ قدم في طرابلس لكي تشارك في صنع القرار والحصول على جزء من الثروة، ومن ثم لن تتعافى ليبيا ولن تنعم العاصمة بالأمن الا اذا تم تفكيك المجموعات المسلحة ونزع أسلحتها وادماج افرادها في مؤسسات الدولة، وما لم يتم ذلك سنرى المزيد من الاشتباكات وسقوط الضحايا، وقد يتحول الامر الى حرب شاملة تدمر المدينة وتهجر سكانها.
– بحكم خبرتك الدولية ما الذي على الليبيين فعله للخروج من هذه الأزمة خاصة مع تدخل عدة دول في الشأن الدولي ؟

لا يمكن لليبيين الخروج من الازمة الا بتغيير متصدري المشهد السياسي وتوحيد الأجهزة والسلطات، وهو امر مستبعد الحدوث في غياب انتفاضة شعبية يشارك فيها مئات الالاف في العاصمة طرابلس للضغط على المجتمع الدولي  للدفع بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في اسرع وقت ممكن ووقف الدعم للسلطات التي ظهرت استنادا على الاتفاق السياسي وفاقمت الازمة الليبية بدلاً من ان تحلها.

– هل انت مع الرأي الذي يقول دستور قبل الانتخابات ام انتخابات قبل الدستور ام ان لديك رأي آخر ؟

انا لدي قناعة بان مشروع الدستور لن يتم الاستفتاء عليه واعتماده في ظل الظروف الراهنة التي قد تستمر لسنوات، وانه لا بديل عن تعديل الإعلان الدستوري واستخدامه كأساس للانتخابات اذا اريد لها ان تتم في غضون سنة، واعتقد ان الجميع يعرف هذه الحقيقة انطلاقا من استحالة التوافق الذي اصبح فيتو لدى الجميع. والحديث عن ضرورة اعتماد مشروع الدستور أولا لا يهدف الا الى استدامة الوضع الحالي دفاعاً عن المصالح الخاصة لجميع متصدري المشهد السياسي على اختلاف توجهاتهم.

– هل تفكر في الترشح لأي من الانتخابات القادمة رئاسية او برلمانية ؟

ليس لدي أي توجه في الوقت الحالي بشان الترشح، ولكن لا استبعد الترشح للرئاسة في ظروف معينة واذا توفرت بعض الشروط للمرشحين.

– منذ ابعادك عن تمثيل ليبيا في الأمم المتحدة لم نعد نسمع الكثير عن ممثلها الحالي لماذا برأيك ؟

ممثل ليبيا الحالي قائم بالأعمال، فهو موظف يعمل في ظل حكومة الوفاق ويخضع لتوجيهاتها، ولا يستطيع ان يجتهد ويقول ما لا يرضي المجلس الرئاسي والمجموعات المسلحة اذا أراد ان يستمر في عمله، وهذا الامر ينطبق حالياً على جميع السفراء بعد ان أصبحت الأمم المتحدة هي من تقرر من هو شرعي ومن هو غير شرعي.
الدبلوماسيون الليبيون الان يتحاشون مواجهة الاخوان المسلمين وحلفاءهم وسطوة ادواتهم الإعلامية، ويفضلون ان يكونوا ترس في الة بدلا من محرك، لدفع الضرر عنهم.
وضعي الشخصي كمندوب كان مختلفاً، لأنني اشعر بان لدي مسؤولية أدبية امام الشعب الليبي بحكم دوري المميز في الثورة، ولذلك كنت في كلماتي أقول الحقيقة المجردة دون حسابات شخصية وبغض النظر عمن يرضى ومن لا يرضى، وكان دائماً هناك طرف غير راضٍ  في الشرق او في الغرب. يضاف الى ذلك ان الاخوان المسلمين وحلفائهم كانوا منذ البداية ضد تعييني مندوباً لليبيا لان الموقع مهم ويريدون ان تكون فيه شخصية ضعيفة تأتمر بأمرهم وتساير بعض الدول الكبرى على حساب مصلحة ليبيا. ومن ثم كانت الضجة تثار بعد كل كلمة القيها في مجلس الامن.

– مصر والامارات وقطر والسودان وتونس والجزائر والسعودية ، دول عربية تتدخل في الشؤون الليبية بنسب متفاوتة حسب شهادة الكثيرين وتقارير دولية .. برأيك لماذا لا تتدخل الأمم المتحدة لمنع تزويد ليبيا بالسلاح بشكل اكثر فاعلية ؟

الدول التي ثبت انها تقدم الدعم لأطراف ليبية في صورة سلاح واموال ومقاتلين معروفة للمجتمع الدولي والليبيين، وهي مصر والامارات التي تقدم السلاح للجيش الليبي انطلاقاً حسب رايها من شرعية تكوينه و مهنيته ودوره في مكافحة الإرهاب. وقطر تركيا والسودان تقدم الدعم للمجموعات المسلحة التي تنتمي الى ما يسمى بالتيار الإسلامي بكل اطيافه من داعش الى الاخوان المسلمين، وهذا الدعم يبرر بان هذه المجموعات المسلحة هي الثوار وان ما عداها مضادين للثورة، وحصلت بمقتضاه المجموعات المتطرفة خاصة على الأموال من قطر لشراء السلاح وجلب المقاتلين عبر تركيا والسودان وعلاج جرحى هذه المجموعات في تركيا. كما حصلت على الأسلحة والذخائر من السودان وتركيا.
ولم تتدخل الأمم المتحدة لمنع وصول السلاح الى ليبيا لان الأمم المتحدة ليس لديها قوة خاصة بها لمراقبة حظر السلاح وهي تعتمد على الدول القادرة، وهذه الدول التي تراقب الحظر على ليبيا بنشاط هي أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وهي دول متعاطفة مع المجموعات المسلحة في طرابلس وترغب في استمرار توازن القوة بينها وبين الجيش حتى لا يزحف الجيش ويسيطر على طرابلس ويفقد الإسلاميون الورقة الرابحة الوحيدة في أيديهم وهي العاصمة وبعد ذلك لن يكون لديهم أي دور فعال في تقرير السياسة الليبية.

– هناك بعض الاخبار التي تتحدث عن نية سيف الإسلام القذافي الترشح للانتخابات ، هل تعتقد ان عائلة القذافي قد تعود للحكم عن طريق سيف الإسلام  ؟

لا توجد لسيف أي فرصة في الترشح للرئاسة ولا حكم ليبيا، فهو من الناحية القانونية مازال مطلوبا للعدالة في ليبيا وللمحكمة الجنائية الدولية، وهو لا يستطيع ان يظهر للإعلام وتحديد مكانه والمشاركة في العمل السياسي قبل صدور حكم ببراءته.
ولا اعتقد ان الليبيين يمكن ان يصوتوا لصالح عضو في عائلة القذافي ليحكمهم ويعيشوا من جديد تحت طاغ شاب تربى في معسكرات ابيه وارتوى من حقده على الليبيين.

– يتساءل البعض عن حياتك بعد ان تركت تمثيل ليبيا في الأمم المتحدة هل تستطيع ان تطلع قراء اسطر عن حياتك بعد العمل الدبلوماسي ؟

احمد الله انني تقاعدت ولم تعد تربطني أي صلة باي سلطة ليبية والعاملين فيها حتى على المستوى الشخصي، وتفرغت للكتابة عن تجربتي المهنية مبتدئا بوقائع ثورة 17 فبراير.

 

 حوار / محمد الرميح 

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.