قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن جماعات مسلحة متناحرة قتلت 18 مدنيا على الأقل، بينهم 4 أطفال، منذ اندلاع المواجهات في الضواحي الجنوبية لطرابلس في 26 أغسطس/آب 2018. على الجماعات المسلحة أن تسمح فورا لمئات المدنيين العالقين بالمغادرة، وبمرور آمن للمساعدات الإنسانية والطبية، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتفادي إلحاق الضرر بالمدنيين.

أفادت وزارة الصحة في “حكومة الوفاق الوطني” في 31 أغسطس/آب أن 39 شخصا قُتلوا وأصيب 119، غالبيتهم من المدنيين، نتيجة القتال. قال “جهاز الإسعاف والطوارئ” التابعة لحكومة الوفاق الوطني لـ هيومن رايتس ووتش إنه حتى 30 أغسطس/آب كان هناك 18 مدنيا على الأقل بين القتلى، بينهم 4 أطفال أعمارهم بين 6 و15 عاما. لا توجد أرقام مؤكدة عن عدد الضحايا الذين نُقلوا إلى مستشفيات خارج طرابلس

map of Libya

قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن تهوّر الجماعات المسلحة المتقاتلة على السلطة لا حدود له، والمدنيون يدفعون الثمن. على جميع الأطراف بذل كل ما في وسعها لحماية أرواح المدنيين.”

اندلع القتال في 26 أغسطس/آب بين جماعات مسلحة مرتبطة بوزارتيّ الداخلية والدفاع التابعتين لحكومة الوفاق الوطني، التي تحظى بدعم دولي وتتخذ من طرابلس مقرا لها؛ تتنازع المجموعتان للسيطرة على الأراضي والمؤسسات الحيوية في العاصمة. هاجم ما يسمى “اللواء السابع” من ترهونة، والمعروف أيضا باسم “الكانيات”، ويقوده محسن الكاني، مواقع جماعات مسلحة تتخذ من طرابلس مقرا لها. شملت تلك المواقع قاعدة اليرموك العسكرية التي تسيطر عليها “كتيبة ثوار طرابلس”، التي ترتبط اسميا بوزارة الداخلية وتتبع قيادة هيثم التاجوري. نقلت تقارير إعلامية أن اللواء السابع، الذي أنشأته وزارة الدفاع عام 2017، لم يعد تابعا لحكومة الوفاق الوطني.

قال موظفو خدمات الطوارئ المحلية إن مئات العائلات تقطعت بهم السبل بسبب القتال. حوصرت حوالي 60 أسرة في منطقة تعرف باسم مثلث السوزوكي، قرب قاعدة اليرموك العسكرية دون ماء أو خبز، حسب أسامة علي، المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ في طرابلس.

كما علق المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء المحتجزون في مراكز وزارة الداخلية بسبب الاشتباكات. قال ممثلون عن “المنظمة الدولية للهجرة” و”المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” لـ هيومن رايتس ووتش إنهم في 28 أغسطس/آب ساعدوا في إجلاء حوالي 600 مهاجر وطالب لجوء من مركزين للاحتجاز في المناطق المتضررة من القتال في عين زارة وصلاح الدين، ونقلوهم إلى مرافق احتجاز في أبو سليم وطريق المطار. قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه حتى 30 أغسطس/آب، كان 7 مهاجرين لا يزالون في منشأة عين زارة ووضعهم غير واضح. قالت هيومن رايتس ووتش إن المنظمة الدولية للهجرة أكدت أيضا أن السلطات أفرجت عن 290 مهاجرا مع بدء القتال، وأظهرت مرة أخرى مدى عدم استقرار الوضع الأمني ​​للمهاجرين وطالبي اللجوء، وأثارت أسئلة حول جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى الاستعانة بليبيا للسيطرة على الهجرة إليها.

قال علي لـ هيومن رايتس ووتش إن معظم المصابين أصيبوا بجروح خطيرة من خلال التأثير المباشر كالاختراق، والانفجار، والتشظي. قال إن 80 بالمئة من الضحايا يعانون من جروح خطيرة، منها بتر الأطراف. قال علي إن الإصابات تتفق مع أنواع الأسلحة المتفجرة التي تستخدمها الأطراف، بما فيها قذائف الهاون ذات العيارات الثقيلة وقذائف المدفعية، فضلا عن صواريخ “غراد” غير الموجهة والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.

في 28 أغسطس/آب، سقطت قذيفة هاون على منزل في وادي الربيع، ما أسفر عن مقتل امرأة وابنيها البالغين من العمر 6 و10 سنوات، بحسب علي الذي كان ضمن الطاقم الذي استخرج الجثث. قال علي: “يصعب وصف المشهد. وجدنا فقط بعض أجزاء جسد المرأة، وحُرق طفليها بشكل بالغ. ماتوا جميعا على الفور”. في 30 أغسطس/آب، عثرت فرق الطوارئ على جثث طفلين عمرهما بين 13 و15 عاما بعد أن أصال صاروخ منزلهما في حي الجديدة.

قال مالك مرسيط، الناطق باسم إدارة الجرحى التابعة لوزارة الصحة لـ هيومن رايتس ووتش إن الفرق وصلت إلى بعض العائلات في المناطق التي تشهد مواجهات، وأجلت بعضها وقدمت مياه الشرب. حسب علي، فإن كلتا الجماعتين المسلحتين عرقلتا عمل طواقم الإغاثة بشكل خطير ومنعتاها في عدة مناسبات من المرور الآمن. أفادت وزارة الصحة في 30 أغسطس/آب أن متطوعا كان يجلي عائلات من منطقة قتال عنيف قُتل أثناء عمله.

في 29 أغسطس/آب، بحسب علي، استولى اللواء السابع على 3 سيارات إسعاف من جهاز الإسعاف والطوارئ وطرد طاقمها وبدأ في استخدامها. لم يتضح ما الذي كان ينقله المقاتلون بسيارات الإسعاف.

أغلقت السلطات الليبية في 31 أغسطس/آب مطار معيتيقة في طرابلس لمدة 48 ساعة بعد إطلاق صواريخ في اتجاهه وحولت الرحلات بشكل مؤقت إلى مطار مصراتة، وفقا لتقارير إعلامية.

يحظر القانون الإنساني الدولي على الأطراف شن هجمات متعمدة ضد المدنيين أو الأهداف المدنية، فضلا عن الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة. كما يلزم القانون الإنساني الدولي جميع الأطراف بالحرص باستمرار على تجنب السكان المدنيين، وتسهيل مرور الإغاثة الإنسانية بسرعة ودون عوائق للمدنيين المحتاجين، واحترام المركبات الطبية في جميع الأوقات. على جميع الأطراف تسهيل التنقل الآمن للمدنيين، ولا سيما لتمكينهم من الفرار من منطقة القتال أو الحصار. في سياق النزاع المسلح، يمكن أن تشكل الانتهاكات الجسيمة لهذه المعايير التي ارتكبت بقصد إجرامي جريمة حرب.

تركز القتال منذ 26 أغسطس/آب في الضواحي الجنوبية لطرابلس، في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية في وادي الربيع، وأجزاء من عين زارة وصلاح الدين وخلة الفرجان، وأجزاء من طريق المطار. أما الجماعات المسلحة الرئيسية الأخرى التي تقاتل إلى جانب كتيبة ثوار طرابلس فتشمل: “قوات الدعم المركزي أبو سليم” التي يقودها عبد الغني الككلي، والمعروف باسم غنيوة؛ كتيبة النواصي بقيادة مصطفى قدور؛ و”جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”، “قوة الردع الخاصة” سابقا، ويقودها عبد الرؤوف كارة. كما تدعم الكتيبة 301 بقيادة مصراتة كتيبة ثوار طرابلس.

قالت ويتسن: “الميليشيات التي تحبس العائلات في مناطق القتال العنيف وتسرق سيارات الإسعاف لا يمكنها الحصول على الشرعية. على القادة أن يعلموا أنهم قد أيضا يتحملون مسؤولية الانتهاكات الخطيرة ما لم يتصرفوا بحزم لوقفها ومعاقبة المسؤولين”.

المصدر : هيومن رايتس ووتش