الرئيسية ليبيا الهجرة المنتقاة وصراع الارادات في أوروبا

الهجرة المنتقاة وصراع الارادات في أوروبا

الثلاثاء 19 مارس 2019 - 7:13 ص

سؤالي: هل وصلت الرسالة لليبيين بأن الأوروبيين يريدون استمرار الهجرة المنتقاة التي نصت عليها قوانينهم الجديدة، ويتم الفرز في ليبيا؟ وكيف سيتعاملون مع موجة الضغط هذه من الرأي العام الأوروبي، وبلدانهم العجوز في حاجة للأيدي العاملة الشابة والرخيصة من أفريقيا؟

الرد كان سريعا من رئيس بعثة أطباء بلا حدود في ليبيا على الرئيس الفرنسي (ايمانويل ماكغو). حيث نشر يوم الجمعة في صحيفة “لوموند” ردا على الرئيس الفرنسي، الذي دعا الأوروبيين مؤخرا إلى أداء “مهمتهم الانسانية” وذلك بتقديم الدعم للمهاجرين المحتجزين في مراكز الاحتجاز بليبيا، متجاهلا ان فرنسا تقدم السفن التي تعود بهم، لخفر السواحل الليبي، وهو بهذا يجعل أوروبا تعمل كمقاول من الباطن، تؤمن حدودها عبر ليبيا، فتعرض الأرواح للخطر وتتنكر لمبادئها الانسانية.
إذاعة فرنسا الدولية تشير إلى أن الرئيس الفرنسي يدين الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، وفي نفس الوقت، يوفر لخفر السواحل الليبي وسائل النقل لاعادة المنفيين إلى جحيم السجون. فما هذا الخطاب المزدوج الذي يدلي به؟
يقول رئيس المنظمة (جوليان ريكمان): نعرف جميعًا ظروف الاحتجاز في السجون الليبية وقد نبهنا عن هذا في كثير من الأحيان، وهناك بعض التقارير اشارت الى ذلك، ولكن لسوء الحظ هذا لا يكفي.
ونحن اليوم كمنظمة، نواصل البحث عن المهاجرين الذين يحاولون العبور أكثر من أي وقت مضى. لذا لا يجب سيطرة ليبيا على الحدود الأوروبية كي تعود بالناس إلى السجون الليبية.
وقد سمعنا كثيرا من التصريحات للأمم المتحدة وكذلك من الفرنسيين والأوروبيين، حول حقيقة أنه لم يعد بإمكانهم قبول اعادة المهجرين إلى مراكز الاحتجاز في ليبيا، ومن ناحية أخرى نجد أعمالهم تناقض تماما هذه التصريحات. وهذا هو النفاق الذي أحاول التعبير عنه في هذه الرسالة.
لسوء الحظ، نحن نشارك الواقع، من منطلق الخوف من عبور اليمين المتطرف، وهذا يعني أننا نريد ايقاف الهجرة بأي ثمن، ولو كان ذلك على حساب الارواح البشرية، والتفريط في المبادئ الأوروبية.
ومع هذا تسعى منظمة أطباء بلا حدود في ليبيا، إلى مساعدة المهاجرين، ولا سيما القادمين من جنوب الصحراء الكبرى في ظروف أمنية صعبة للغاية.
ومن المهم أن نفهم بأن سيطرة السلطات الليبية الفعلية على مراكز الاحتجاز ليست واحدة. فهناك بعض السجون تخضع لسيطرة فعالة من قبل وزارة الداخلية، والبعض الآخر خارج إلى حد كبير، عن سيطرة السلطات المركزية. وبالتالي، فإن وجودنا في هذه المراكز يختلف اختلافا كبيرا، وفقا لحسن نية الشخص المسؤول عن مركز الاحتجاز. وفي كثير من الأحيان نتحصل عن معلومات نظرية، ولكن الواقع يختلف من وقت لآخر ومن يوم لآخر. وقد ننتظر لساعات عديدة قبل رؤية ثلاثة مرضى يتم إحضارهم إلينا، في حين أننا نعلم بوجود ما لا يقل عن 400 شخص في نفس المركز. أضف الى ذلك، فإن مجرد التقاط الصور أو التحدث مع المحتجزين، يعد أمرا صعبا للغاية.
اما عن ردود فعل المسؤولين الأوربيين عندما تعرض عليهم الملاحظات المأساوية لمعاناة المهاجرين، فإنها تتنكر للقيم التأسيسية لأوروبا. فأحد الردود بالطبع، وفقا لهذه للمعادلة، هو أن “أوروبا لا يمكن أن ترحب بكل البؤس في العالم”. فماذا تجيب عن هذه الحجة؟
هذا بالضبط هو جوهر المشكلة. حيث لا يقتصر الأمر على الترحيب بالمهاجرين، بل ان أوروبا تؤيد عودتهم إلى ليبيا. وهذا المبدأ ليس اخلاقيا، في وقت يحتجز فيه عدد 5700 شخص بمراكز الاحتجاز ، 20% منهم من النساء والأطفال. ونحن نحاول مساعدة حوالي 3000 شخص فقط، من كل هذا العدد.
حيث اعيد كل هؤلاء الأشخاص من البحر وكانوا في الغالب غير بعيدين عن الساحل الأوروبي، ولكن بفضل النظام الذي تم إنشاؤه اليوم في أوروبا أو بسببه، تم اعادتهم إلى ليبيا. لذلك فإن سوء وضعهم الحالي يرجع إلى هذه السياسة الأوروبية.
فما هي المقترحات الرئيسية التي قدمتها منظمة أطباء بلا حدود للاستجابة للمأساة الإنسانية للمهاجرين في ليبيا؟
الأول: إذا كانت ظروف الاحتجاز على هذا النحو الذي نعرفه، فلا يمكننا اعادة الناس إلى ليبيا.
والثاني: عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية في مراكز الاحتجاز الليبية هو 75%، وعليه نحن بحاجة إلى المزيد من الأماكن، وإعادة التوطين في البلدان التي يمكن أن تستوعب اللاجئين.
ثم ، من الضروري ترك مساحة لعمل المنظمات غير الحكومية لتكون قادرة على التدخل في البحر الأبيض المتوسط لمساعدة المهاجرين.
ثم، في ليبيا لا توجد بدائل ملموسة لاحتجاز المهاجرين من النساء والأطفال، وعليه فإن الأمر يجب ان يترك للجهات الفاعلة الإنسانية الخارجية وخاصة الأمم المتحدة لاقتراح بديل للاحتجاز في ليبيا.

من راديو فرنسا/ ليونارد فنسنت
ترجمة/ د. فرج دردور 

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.