الرئيسية مقالات خطبة الجمعة وأثرها السلبي في التربية المعاصرة

خطبة الجمعة وأثرها السلبي في التربية المعاصرة

السبت 23 فبراير 2019 - 11:12 ص

بقلم/ د. فرج دردور

موضوع مطروح للبحث واعادة النظر، ونقاش تحديث تفسير آيات القرآن الكريم، برؤية عصرية لا تهمل الموروث السابق، ولكن بعرض جديد يخدم الحياة العصرية ولا يمس النصوص الشرعية، فالناس يذهبون إلى المساجد بانتظام ولا يتعظون من رسائلها، حتى صار حضور صلاة الجمعة نوعاً من العرف الذي يتطلب التقصير من الخطيب، كتعبير ضمني عن عدم رضا الناس على المحتوى الذي يعرض بطريقة مملة لا تخدم الحاجة الأسبوعية في معالجة بعض الظواهر السلبية التي تحدث في نطاق المسجد والبلد بشكل عام…..!!

فالموروث العلمي عند المسلمين بدأ بدوافع دينية، وتطور وتشعبت مجالاته تحت هذا الغطاء، ولهذا رأينا أن الحضارة الإسلامية قد ازدهرت منذ القرن السابع الميلادي تزامناً مع انتشار الإسلام، وكان المسلمون أكثر انفتاحاً على الشعوب الأخرى، وأكبر دليل على ذلك، نشاط حركة الترجمة في ذلك الوقت من الإنتاج العلمي للشعوب المجاورة، فاتسعت مجالات الفكر، حتى صار الإسلام دين العلم بامتياز. وقد تكررت معاني كثيرة في القرآن الكريم تحت على إعمال الفكر، من ذلك مثلاً: (يتفكرون، يتذكرون، يتدبرون)، وكلها مركزها العقل. قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (24)، محمد.

ثم بدأ عصر الانحطاط الفكري، بعد أن توقف البحث، واقتصر الباحثون على الاستشهاد بالموروث السلفي والنقل منه والاعتماد عليه، مما تسبب في قتل حركة الابداع إلي يومنا هذا، وتعطل التجديد والتطوير إلا ما ندر. فتقدم الغرب وتأخر العرب، بعد أن ضمرت عقول باحثيهم، نتيجة اعتقاد أغلبهم بأن ما أبدعه أسلافهم، يعد كافياً وافياً لا ينبغي الخروج عنه، ولا يجوز الاستشهاد بغيره، فتكلس العقل وانتشر الجهل من جديد وتراجعت المجتمعات الإسلامية. حدث هذا في الوقت الذي ظهرت فيه شعوباً أخرى أكثر تقدماً، كانت أقل إنتاجاً، مقارنة بالمورث العربي الإسلامي، لأنها نَشطت الحركة الفكرية، فجنت ثمار زرعها.

أدى هذا التراجع الفكري عند المسلمين إلى انحسار ظاهرة التنافس البحثي في اعجاز القرآن الكريم وتفسيره وفق ما يحتمله من تأويلات، ففسح المجال لأصحاب الايديولوجيات المقترنة بالسياسة والخوارج أيضاً، بأن يفسروا الدين وفق قناعاتهم ومناسباتهم، التي قد تفتقر للسند العلمي، وأقتصر فهمهم على ظاهر النصوص، فأخطأوا فهمها، وأنزلوا أحكامها على غير سياقاتها.

هذا القصور الفكري، جعلهم يركزون على الماديات الملموسة وأهملوا الفكر، وكان أحد مظاهر هذا القصور، الاهتمام بجسد الإنسان وإهمال فكره، (شهواته وممنوعاته)، من ذلك نوع ملبسه مأكله، القصاص منه، عقابه.

فلم يكن أحداً يتوقع أن ليبيا تتحول من بلد يسوده الأمن والسلام نتيجة منهج الاعتدال الذي عليه أغلب الليبيين، حتى أن تفاجأ الجميع بظهور جماعات الغلو والتطرف والفتوى السياسية التي تحرض على الاقتتال بين المسلمين في البلد الواحد، وصار الانحراف في المسلك هو العنوان العريض الذي يسوس به الناس. فتحولت الحياة بمختلف مظاهرها إلى جحيم لا يطاق، يدفع بالناس إلى التفكير في الهجرة هرباً من واقع غير مألوف، اختلط فيه الحابل بالنابل، تساق فيه الأمور في غير مساراتها، وتسمى فيه الأشياء بعيداً عن صفاتها

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.