من حق الليبيين أينما كانوا ان يفتخروا بثورتهم ،بغض النظر عن الازمات الحاصلة في شرق البلاد و غربها، فهم من استطاعوا بعزيمة و إصرار لا توصف ،أن يسقطوا نظام ديكتاتوري من اكثر أنظمة العهد الحديث بطشا و قساوة.
لماذا كانت الثورة؟
سؤال قد يطرحه من لم يعيش و يشارك هموم الليبيين طوال 40 عاما من حكم العقيد، حكم الفكر الواحد و التوجه الواحد و هنا قد اسرد بعض من جرائم القذافي في حق شعبه.
انقلاب 69 الذي قام به القذافي على نظام الحكم الملكي و الذي بكل عيوبه كان بداية لبناء دولة، دولة دفع الليبيين ثمناً غالياً من أجلها ضد الاستعمار الإيطالي الفاشي.
النظام الذي أقامه القذافي و أطلق عليه أسم الجماهيرية أو سلطة الشعب مصطلحات مبهمة مفرغة ،جعلت من القذافي الحاكم الواحد فهوا من يتحكم في كل مفاصل الدولة الأمنية و الاقتصادية و حتى الاجتماعية ،ليدخل البلاد في حالة فوضى سياسية و اقتصادية و اجتماعية.
حرب تشاد الحرب التي استعمالها القذافي لإبادة ما تبقى من الجيش الليبي ،بل وصل به الأمر بأن يرسل طلبة المدارس الثانوية للقتال في وادي الدوم بدون علم الأهلي لتكون الحصيلة اكثر من 6000 قتيل.
مجازر 7 ابريل او ما أطلق عليها القذافي و لجانه الثورة بثورة الثقافة ،ليشنق أساتذة و طلبه الجامعات في وسط الحرم الجامعي.
مجزرة ابو سليم 1200 قتيل في ساعتان من سجناء الرأي ،ليزيد تفنن في الجريمة و ليحتفظ بجثث الضحايا لأكثر من عشرين عاما دون أن يبلغ أهلهم بالفاجعة ،لك انت تتخيل أن الام كانت تحضر الدواء و الغداء لابنها و هوا متوفي او زوجة تنظر زوجها و قد فارق الحياة .
جرائم القذافي لم تنل من الليبيين وحدهم بل كانت عابرة للقارات ليسقط طائرة في لوكربي و أخرى فرنسيه ،و تفجر مطعم في برلين و تمويل الحروب في افريقيا و دعم الجيش الأخضر الايرلندي في حربهم ضد المملكة المتحدة.
كل هذه الجرائم إلا تستحق أن ينتفض الشعب الليبي البسيط ضد حكم الدكتاتورية المستبدة أن يخرج في كل مدن ليبيا ليقول يكفي .
نعم و ألف نعم ثورة فبراير كانت مصير حتمي لابد منه ،ورغم كل التحديات التي تعيشها ليبيا الآن نتيجة لطموحات من بقايا النظام السابق للعودة للحكم، او محاولة إخضاع البلاد لسلطة عسكرية شمولية أخرى لتكمل سلسلة الفساد والتخريب ،أضف لها النتائج الحتمية لثورة جعلها القذافي مسلحة لتنتشر المليشيات في كل شبر من الوطن .
نجحت الثورة ولم تفشل
البعض قد رجع من نصف الطريق بسبب اليأس من ما وصل له الحال وقد ترسخت للبعض قناعة بأن الثورة لم تحقق أهدافها ولم تصنع الرفاهية المنتظرة، في غلط كبير للمفاهيم وتحديد الأوليات فالثورة حدث ،وهي مثل الحجر الذي يرمي في مستنقع راكد فتتحرك الأمواج على شكل حلقات لتظهر كل خفايا المستنقع وعيوبه ،والآن الصورة واضحة للجميع عن طبيعة الدولة واقتصادها وهيكلها الإداري ،والدور الان على المواطن في التمسك بحريته وحق تحديد مصيره عن طريق الانتخابات والتداول السلمي لسلطة ،مصطلحات كانت في عهد الدكتاتورية محرمه وخيانة للوطن ،ومن تجارب بقية الشعوب ستصل ليبيا إلى وجهتها وصعودها في سلم النمو والحضارة فقد نحتاج بعض الإيمان بحقنا في الحرية والعيش الكريم .
فهنيئا لليبيين بثورتهم
بقلم / عماد الدين بلعيد