جامع الناقة أحد اقدم جوامع شمال افريقيا وهو الأقدم في طرابلس اذ مر على بناءه ما يقارب الألف ومائتي عام أي قبل بناء الجامع الأزهر في القاهرة ، وكانت مساحته تبلغ حوالي 900 متر مربع.
يقع الجامع في مدينة طرابلس القديمة خلف منطقة تجارية دائبة الحركة وتحيط به مبانٍ عتيقة المظهر وهي في الغالب دكاكين صغيرة ومتراصة بعضها مختص في بيع الحلي والأخرى لصناعة النسيج والحرير والزي التقليدي الطرابلسي ، اختلاط الجامع بهذه المباني المتراصة يجعلك لا تكاد تنتبه الى وجوده في اول وهلة ، غير أن هذا الجامع المتواضع في هيئته ومظهره يستطيع أن يثير فيك مرآة تاريخٍ وأحداث صمد أمام سطور قرونها العشر ليحكي لنا ما كان
يقال بأن المعز لدين الله الفاطمي رابع الخلفاء الفاطميين في إفريقية وأول الخلفاء الفاطميين في مصر كان متجها الى مصر قادما من تونس رفقة قائد جيشه جوهر الصقلي 953-975م ، مر بمدينة طرابلس ومكث فيها أياماً لما لقيه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة ولما غادر امر بترك ناقته المحملة بالأموال اكراماً لأهلها الذين انفقوا ما كان عليها في بناء الجامع وما فاض تم توزيعه على الفقراء.
وقد أشار التيجاني عند زيارته إلي طرابلس ما بين سنة 1306 – 1308م الى أنه بين القصبة ( السراي الحمراء ) والمدرسة المستنصرية جامع طرابلس الأعظم الذي بناه بنو عبيد (الفاطميون )
تعرض الجامع للدمار اثناء الاحتلال الاسباني لطرابلس 1510- 1530م بعد لجوء أهالي طرابلس اليه
فيما تشير لوحة رخامية وجدت به الى ان هذا الجامع تمت اعادة بنائه سنة 1019 هـ/1610 م على يد الوالي صفرداي بن باكير بعد دخول العثمانيين لطرابلس ، ويدفع البعض الى أن الجامع كان يسمى بمسجد العشرة ، وقد وجد في فترة مبكرة من عمر الإسلام أي ما قبل العصر العبيدي الفاطمي وربما أن الجامع قد تمت إعادة بناءه في عهد المعز لدين الله الفاطمي ولم يبنى في عهده.
الجامع شبه مستطيل وفسحة صحنه تكاد تساوي فسحة بيت الصلاة وله ثلاثة أبواب ، اثنان منها رئيسية يلج منها الداخل الى حيث تقام الصلاة والثالث يوصل الى حيث الميضأة الخاصة به.
يقوم بيت الصلاة على 35 عموداً غير متجانسة الأشكال والاحجام والألوان ولا يحتاج المرء الى دليل يرشده بأن هذه الأعمدة الرخامية هي من بقايا المدن الرومانية وذلك لاتخاذها الشكل المعماري الذي يستخدمه الرومان في مدنهم على ساحل المتوسط إضافة الى بعض الاعمدة التي تعود للعهد القره مانلي وتعلوه أقواس حادّة نسبياً تحمل واحدة من الـقبب الـ42 الصغيرة التي تغطي قاعة الصلاة
مازالت أبواب بيت الله جامع الناقة مفتوحةً للمصلين وتحتضن المسلمين في كافة الأعياد والمناسبات جيلا بعد جيل
بقلم / الإعلامي صالح بن آدم