الرئيسية مقالات التحديات بعد فيضانات درنة

التحديات بعد فيضانات درنة

الجمعة 29 سبتمبر 2023 - 12:28 ص

بقلم: خالد الطرابلسي

بعد أكثر من أسبوعين من الفيضانات التي دمرت أجزاء كبيرة من مدينة درنة لا يزال عدد الضحايا مجهولاً مع بقاء الآلاف من الليبيين في عداد المفقودين. درنة التي تحملت الكثير من الصعاب في الماضي كانت على موعد مع فاجعة انسانية سيستمر أثرها لشهور وربما سنوات حيث أن إعادة إعمار المدينة وبنيتها التحتية سيتطلب تكاليف مادية كبيرة وتنسيقاً طويل الأمد بين مؤسسات الدولة المنقسمة حتى الآن بين الشرق والغرب.


ما يدعو للتفائل هو الوحدة الوطنية التي أظهرها الليبيين في دعمهم لاخوانهم في الوطن والتي أكدت للجميع أن الليبيين شعب واحد في بلد واحد لا تفرقهم أحزاب سياسية ولا أعراق ولا مناطق. أظهرت هذه الوحدة أن من يفرق الليبيين هم السياسيين الفاسدين وتجار الحروب والميليشيات والشركات العسكرية الخاصة والقوى الاستعمارية الجديدة الذين يعتاشون على الانقسام والفوضى. كانت الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر التحام فصائل القوات المسلحة في الشرق والغرب مصدر فخر لكل ليبي آمن أن ليبيا وطنه وأن المستقبل الأفضل هو في متناول اليد إن كنا مؤمنين برحمة الله الواسعة وبوحدة شعبنا وأرضنا.


اليوم نواجه كليبيين ثلاثة تحديات مفصلية. التحدي الأول هو الحفاظ على الوحدة الوطنية التي أظهرناها خلال الكارثة وأن نحولها إلى قوة سياسية تدفع كل الفاعلين في ليبيا إلى التوصل إلى حل سياسي ليبي ليبي فقط. يجب على الجميع في الداخل والخارج أن يدركوا أن الشعب الليبي لن يقبل بالحلول الخارجية التي لا تضع أي حساب للشارع الليبي. نحن أهل هذا البلد العظيم ولنا الرأي الأول والأخير.


التحدي الثاني هو أن نمتلك الشجاعة والاصرار لمحاسبة المسؤولين الذين أدى تقصيرهم وفسادهم إلى زيادة أعداد الضحايا والمتضررين. الهدف من المحاسبة ليس الانتقام بل من أجل التعلم من الأخطاء وتفادي كوارث مشابة في المستقبل. تعتبر الكثير من مناطق ليبيا ولاسيما في الشرق معرضة لتأثير الفيضانات والظروف الجوية السيئة. إهمال المحاسبة اليوم قد يجعلنا ندفع ثمناً كبيراً في الغد.


التحدي الأخير هو عدم السماح للقوى الخارجية بالتدخل في ليبيا أثناء انشغالنا في أعمال الاغاثة وتحت ذرائع التعاون العسكري أو غيره. على سبيل المثال كشفت تقارير اعلامية مؤخراً عن سعي روسي لبناء وجود عسكري لهم في موانئ بنغازي وطبرق وسرت. هذا الأمر يحدث الآن في الوقت الذي لا يزال الليبيين يبحثون عن ذويهم في تحت الركام وفي البحر في درنة.


الكارثة في درنة والشرق الليبي عموماً هي جرح عميق نازف أصاب كل الليبيين بالألم ولكن عزائنا هو أن هذا الخطب ذكرنا بأننا أخوة في الوطن وأن مصيرنا واحد. حسبنا أننا كنا ان شاء الله مصداق قول الرسول الكريم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.