الرئيسية مقالات الكاتب الفلسطيني سامر أبودية يكتب .. تفاصيل أوكرانية

الكاتب الفلسطيني سامر أبودية يكتب .. تفاصيل أوكرانية

الأحد 30 يناير 2022 - 3:44 م

في بداية الأمر سنبدأ معكم بالتعرف بشكل مختصر على  جمهورية أوكرانيا، حتى نفهم ماهية الصراع الداخلي والخارجي حولها  وأهميته، فهذه الجمهورية في الوقت الحاضر تعتبر أرضا خصبة للصراع الدولي خاصة مع دول تعتبر قيادية او محورية في  العالم الحديث، مثل الولايات المتحدة و روسيا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، والناظر الآن لما يحصل على أراضيها قد يطرح تساؤلات كثيرة ليفهم هذا الصراع، لذلك سنبدأ بطرح نبذة صغيرة عن ثقافة وتاريخ هذه الجمهورية لننتقل معكم إلى فهم الصراعات التي تدور فيها وحولها.

 أوكرانيا هي تلك الدولة التي لا تزاحم العالم في أخبارها منذ تأسيسها في عهد الإتحاد السوفيتي، بالطبع هي بالبداية كجمهورية بحدودها التي تعرف اليوم رسمت بأيدي السوفيتين حينها، فكانت ثاني أكبر جمهورية في  الإتحاد السوفيتي بعد روسيا، نالت استقلالها فورا بعد انهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991، وحينها ظهرت على خريطة العالم الجغرافي جمهورية أوكرانيا . فلم تزاحم دول العالم في نشرات أخبارها أو مقالاتها، إذ كانت منشغلة ببناء ذاتها.

بعد استقلالها واجهت الدولة الفتية الفقر والمشاكل الاقتصادية وانتشار الفساد والمافيات والجرائم، لكن لم يمنعها ذلك من المضي قدما نحو نهضة شعبها، ففي عام 1994 تخلت أوكرانيا عن كل مخزونها من السلاح النووي التي ورثته من الإتحاد السوفيتي، بعدما كانت تعد وقتها ثالث أكبر دولة نووية في العالم، لتوقع على مذكّرة بودابست بمشاركة روسيا وأمريكا وبريطانيا، الذين بدورهم قدموا كل الضمانات لأوكرانيا للحفاظ على استقلالها وأمنها مقابل التخلي عن سلاحها النووي، لكن على أرض الواقع كانت موسكو مهيمنة على قرارات كييف وسياساتها الخارجية، وان اضطر الأمر كانت تتدخل بشكل غير مباشر في سياستها الداخلية أيضا،  فظلت أوكرانيا دولة تابعة بشكل غير مباشر للهيمنة الروسية في العقدين الأولين، لكن هذا لم يمنعها من تحقيق استقلالها الكامل خاصة من روسيا مع مرور الوقت والتقلب السياسي في محيطها الإقليمي.

وبالحديث عن شعب وجغرافيا وثقافة هذه الجمهورية التي عمها الهدوء السياسي في عالم ملتهب بالصراعات طوال أكثر من عشرين عاما، نرى بأن أوكرانيا  كانت ثاني أكبر جمهورية سوفيتية وهي أكبر جمهورية في قارة أوروبا جغرافيا، لكن الناظر إلى موقعها قد يبدأ يفهم اليوم سبب الصراع على أراضيها،  فهي تقع بين ثقافتين مختلفين و متناقضتين و يجمعها  في الماضي البعيد والقريب حروب  وصراعات، ولأن على حدودها ثقافتين سيكون انعكاس هذا أيضا على شعبها، لذلك لو قسمنا الدولة لشطرين شرقي وغربي، سنرى أن سكان شرق أوكرانيا أي من العاصمة كييف في الوسط إلى أدنى الشرق يجمعهم طابع واحد وثقافة ولغة ولهجة واحدة وهي الروسية،  حيث أن سكان تلك المحافظات أصولهم روسية وبعضهم يعتبر أن هذه المحافظات بالأصل روسية ولكن الإتحاد السوفيتي فصلهم عن دولتهم الأم روسيا التي تحد أوكرانيا من الشرق وبلاروسيا من الشمال، أما إذا نظرنا إلى شطرها الغربي فهناك يختلف الأمر، فعلى حدود أوكرانيا الغربية  تقع دول الإتحاد الأوروبي بولندا سلوفاكيا رومانيا، وفي الواقع أيضا بعض المحافظات الغربية في الماضي غير البعيد كانت تعتبر بولندية او رومانية، فسكان غرب أوكرانيا لهم ثقافة أوكرانية مع مزيج من ثقافة البلد المجاور لهم، ولهم لهجتهم الخاصة وتقاليدهم الخاصة التي قد تختلف عن سكان شرق أوكرانيا، أما أقصى جنوب أوكرانيا هناك مايسمى شبه جزيرة القرم، التى تم  احتلالها رسميا من روسيا عام 2014، هذه الجزيرة لها تاريخ خاص بها يطول الكلام عنه، سكانها خليط بين الأوكرانيين والروس والتتر الأتراك، لكن استقلال أوكرانيا كانت هذه الجزيرة أوكرانية، لذلك قامت روسيا بعقد اتفاق لاستئجار ميناء سيفاستوبول  لعشرات السنين، والذي يتواجد به أسطول حربي  بحري روسي، إضافة لذلك يعد هذا الميناء المنفذ الوحيد لروسيا على البحر الأسود، وبحكم الاتفاق ببن كييف وموسكو بقي الروس في هذه شبه الجزيرة الأوكرانية رسميا فقط على ميناء أحد مدنها إلى أن استولوا على كل شبه الجزيرة عام 2014.

على صعيد آخر لو القينا نظرة على  المذهب الديني الشائع لسكان أوكرانيا فسنرى أن  الارثودكسية هي السائدة لدى معظم سكان أوكرانيا،  لكن سنلاحظ أيضا أن الكاثوليكية في غرب أوكرانيا لها من أتابعها وجود ينافس الارثدوكس في بعض البلدات أو المدن، أما موضوع اللغة، فاللغة الرسمية لكل أوكرانيا هي الاوكرانية، فهي  كما الروسية لغة سلافية  واللغتان مختلفتان فلا يفهم الروسي مثلا اللغة الاوكرانية الا انه يفهم بعض الكلمات المشتركة بينهما، لكن في الواقع فإن معظم سكان كييف العاصمة، وشرق أوكرانيا اللغة المتداولة بينهم هي الروسية، مع أنهم يجيدون الاوكرانية لكن لا يتكلمون بها إلا في المعاملات الرسمية، 

وإن تجولنا أيضا في محافظات أوكرانيا لسنرى أن معظم المصانع وقطاع الإنتاج والمدن الكبيرة موجودة في الشطر الشرقي من أوكرانيا، أما في غربه فيعتمد على الزراعة وخشب الغابات والسياحة.

 كل ما ذكرناه سيكون كمفاتيح لحل ألغاز سياسية لفهم الصراع القائم هناك، فهو صراع ليس بمحلي، بل أصبح عالمي، فهذه الدولة الهادئة المجهولة والمتروكة هي  السبب لحرب باردة الآن، أو حرب عالمية.

وسوم:

تعليق واحد

Mohammed ghaben 31 يناير، 2022 - 7:35 م

شكراً لك وعلى مجهودك وبارك الله فيك❤️

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.