مؤتمر برلين 2 لم يكن على مستوى المتوقع منه حيث ان المانيا ومن وراءها أوروبا سعت الى تفعيل الدور الأوروبي في الملف الليبي وحوض البحر الأبيض المتوسط وذلك للتصدي للدور التركي النامي في منطقة المتوسط، حيث أن تركيا تجد في ليبيا ضالتها التى فقدتها قبل أكثر من مائة عام بعد توقيعها على اتفاقية اوشي او لوزان الاولى والتي انسحبت بموجبها من اكثر من منطقة كانت تحت السلطة التركية حينها ومن ضمنها ليبيا، وبناء عليه فإن تركيا تريد العودة الى هذه المنطقة عن طريق المدخل الليبي الذي يطل على شواطئ أغلب دول جنوب أوروبا بالإضافة الى الاستفادة الكبيرة التي ستحصل عليها تركيا بعد توقيعها على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا
الصراعات الدولية وعلاقتها بليبيا
القطب الدولي الآخر في ليبيا وهو روسيا التي تحاول استخدام ليبيا ككرت مزدوج لاستخدامه في قضية سوريا التي تمتلك فيها التواجد الروسي الوحيد في منطقة المتوسط وأيضا وهو الملف المهم بشكل اكبر لروسيا في قضية شرق أوكرانيا “إقليم دونباس” لوغانسك ودونيتسك بالإضافة الى كريميا “شبه جزيرة القرم” التي احتلتها روسيا منذ ما يقارب السبع سنوات وهنا تعرف روسيا بان ليبيا تقع في منطقة نفوذ أوروبية الا انها تستخدم تواجد الفاغنر فيها للضغط على أوروبا في ملف أوكرانيا وكذلك للضغط على تركيا في ملف سوريا (أوكرانيا ملاصقة لروسيا – سوريا ملاصقة لتركيا ولها فيها قاعدة عسكرية)
غياب دول فاعلة في الملف الليبي مثل المغرب وروسيا وقطر عن المؤتمر ساهم في عدم جدية النتائج الصادرة عنه حيث انها انحصرت بين المطالبة والحث وعروض المساعدة بالإضافة الى انه تحول الى مؤتمر دبلوماسي لبحث العلاقات الثنائية بين الدول المشاركة أكثر من بحث عن حلول جدية لإنهاء الانقسام السياسي والأمني والعسكري في ليبيا ومن اهم معالم عدم الجدية كان تجاهل المشاركين لمطالبة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة بمعاقبة المعرقلين
المرتزقة الأجانب في ليبيا
هذا الفشل سيساهم في استمرار تواجد المرتزقة من روسيا وتشاد والسودان وسوريا على الأراضي الليبية حتى نهاية هذا العام على أقل تقدير وهو ما قد يمنع اجراء الانتخابات المزمع عقدها نهاية العام الجاري بالإضافة الى ان خليفة حفتر وعقيلة صالح والمشري كذلك ليس من صالحهم انهاء تواجدهم وشرعيتهم الدولية والسياسية عن طريق انتخابات شعبية مباشرة لبرلمان ورئيس جديدين في ليبيا ولهذا ستستمر هذه القوى السياسية والعسكرية المحلية في عرقلة أي حلول تنهي تواجدهم ما لم يشتد الضغط الدولي “الأمريكي تحديدا” الا ان تجاهل معاقبة المعرقلين سيشجع الأطراف المعرقلة على المضي قدما في عملية تخريب الحلول المقترحة وبهذا سيستمر مجلس النواب في عرقلة عملية منح الميزانية للحكومة وسيستمر مجلس الدولة في عملية عرقلة الاتفاق على تغيير المناصب السيادية بالمصاحبة لمجلس النواب كذلك سيستمر حفتر في استعراضاته وتهديداته وعملياته خاصة في الجنوب الليبي بينما لن تخرج القوات الأجنبية بشتى تسمياتها الشرعية والغير شرعية.
صراعات محلية
يروج البعض الى انه ما لم يتم منح الميزانية وتجهيز القواعد الدستورية للانتخابات القادمة فإن هذه الصلاحيات قد تنقل الى المنتدى السياسي والذي بدأ فعليا في العمل على بعض المقترحات الدستورية عن طريق اجتماعاته داخل ليبيا وفي تونس الا ان هذه الحالة ستعود بالوضع في ليبيا الى نقطة الصفر حيث ان مجلسي النواب والدولة لن يسكتوا على سحب صلاحياتهم لجهة غير منتخبة وستدخل ليبيا في نفق المحاكم والقضايا الدستورية مرة أخرى ما سيقودنا الى حرب أخرى في النهاية قد تكون في سرت هذه المرة
السيناريو الآخر المطروح وهو النجاح في اجراء الانتخابات في موعدها وهو أمر صعب نسبيا خاصة مع تأخر منح الميزانية وقانون الانتخابات بالإضافة الى القواعد الدستورية المطلوبة لإجرائها لهذا فإن تأجيلها مطروح وقد يتم التأجيل الى شهر مارس من العام القادم او شهر يونيو كحد أقصى.
النجاح في الانتخابات لا يعني القبول بالنتائج بالضرورة وذلك بسبب تواجد المرتزقة والمليشيات المسلحة المنتشرة شرقا وغربا وجنوبا والتي قد تساهم مثلما حدث بالانتخابات البلدية في تزوير الانتخابات لصالح أطراف معينة ما سيجرنا الى جدال قانوني او حروب أخرى
بصيص الأمل
عدم حدوث كل ما ذكر يعتمد على صحوة الشعب الليبي الذي بإمكانه تغيير كل الموازين اذا ما اراد ان يمسك بزمام الأمور وتحديد مصير دولته وذلك بحماية العملية الانتخابية واستنفار جهود مؤسسات المجتمع المدني في توعية المواطنين بالاضافة الى اختيار الشخصيات الأفضل لقيادة ليبيا