الرئيسية ليبيا كلمة مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن

كلمة مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن

الأربعاء 02 سبتمبر 2020 - 8:20 م

السيد الرئيس،
اسمح لي في البداية أن أتقدم إليكم بالتهنئة بمناسبة توليكم رئاسة المجلس هذا الشهر ، وأتمنى لكم النجاح في عملكم ، والشكر موصول ايضاً للسيدة ستيفاني ويليامز على احاطتها حول آخر التطورات التي تشهدها ليبيا ، ونتمنى للبعثة النجاح في كل الجهود التي تقوم بها من أجل الوصول الى حلول للأزمة التي تعاني منها بلادي ، وكذلك أتقدم بالشكر أيضاً لسعادة السفير غونتر زاوتر رئيس لجنة العقوبات الخاص بليبيا على احاطته حول عمل اللجنة.
السيدات والسادة
نود من جديد التأكيد على موقفنا الثابت من دعم كل مساعي السلام وحقن الدماء والاستقرار في البلاد ، فقد تجاوبنا بايجابية في عدة مناسبات لدعوات الحوار والتصالح والتهدئة ، وكان آخرها إعلان رئيس المجلس الرئاسي يوم 8/21 الماضي عن وقف إطلاق النار ، هذا الاعلان الذي جاء انطلاقاً من المسؤولية السياسية والوطنية ، وما يفرضه الوضع الحالي الذي تمر به البلاد والمنطقة ، وظروف جائحة وباء كوفيد 19 التي بدأت تتفشى بشكل ٍملحوظ ومتسارع.

و إذا لم نعمل جميعاً على إيجاد حلول عملية لهذه التحديات ، ستكون هناك آثار سلبية ومدمرة تهدد السلم والأمن الدوليين. وهنا وجب التذكير أن تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار وإنجاحه يقتضي أن تصبح منطقتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح ، وضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة منهما ومن كافة مناطق ليبيا ، لأن الغاية الأساسية هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي ، وهذا يتضمن أيضاً اعادة فتح الموانئ والحقول النفطية علي الفور ، والتي ثبت للجميع أن قرار إقفالها جاء بإيعاز خارجي ، فكفى لعباً بقوت الليبيين ، فقد وصلت حجم الخسائر حتى اليوم حوالي 9 مليار دولار ، ومع حدوث أضرار جسيمة للبنية التحتية للمنشآت والمرافق النفطية.
ومن هنا نود الاشارة الى أننا نرحب بالتأييد الدولي والاقليمي ودول الجوار بقرار وقف اطلاق النار ، وبالأخص من تلك الدول التي بدأت تتراجع عن دعم المعتدي ومليشياته ، بعد اقتناعها التام بفشله وفشل الرهان عليه وعلى المشروع العسكري ووجوب الحل السياسي ، واذ نرحب أيضاً بما جاء في بيان القيادات السياسية في الشرق فيما يخص وقف اطلاق النار وضرورة عودة انتاج النفط ، لكننا وحتي اللحظة لم نرى أي تجاوب أو موقف واضح لكلا الأمرين من المجموعات العسكرية التي يمثلها حفتر و مليشياته ، وهذا ليس بغريب وليست أول مرة ، بل سمعنا تصريحات معادية ومعارضة للبيانات السلمية على لسان ناطقهم الرسمي ، وتجاوز ذلك حدوث خروقات نفذتها تلك القوات خلال 72 ساعة الأخيرة والمدعومة بالمرتزقة ، باستهداف مواقع قوات جيشنا الليبي المتمركزة غرب مدينة سرت بصاروخ غراد، في خطوة استفزازية أخرى ليست بجديدة ، لذا واذ نؤكد التزامنا بوقف اطلاق النار لاعطاء فرصة للحلول السلمية ، لكننا نحتفظ بحق الرد والدفاع عن أنفسنا ضد هذه الهجمات وأي تحركات أوتهديدات في الوقت والمكان المناسبين.

السيدات والسادة
نحن الآن في نقطة مفصلية من عمر الأزمة في بلادي ، لأن في الوقت الذي نحاول فيه معاً ارساء الاستقرار والسلم الأهلي والسلام ، لازال شبح الصراع والحرب قائماً بسبب اصرار المعتدي ومن معه عدم الانصياع للإرادة الوطنية والدولية لانهاء الاقتتال ، لذا يجب على مجلس الأمن هذه المرة والمجتمع الدولي اظهار الجدية في تنفيذ قراراته وتفعيل وقف اطلاق النار والزام الطرف الآخر بذلك رسمياً ، لأن الكل يتسائل، ما هي ضمانات تنفيذ وقف النار وعدم تكرار العدوان من جديد كما حدث قبل مؤتمر غدامس العام الماضي؟ ما جدوى محادثات 5+5 اذ لم يعلن التزامه بالاتفاق؟ لذا نحن لن نكرر أخطاء الماضي وسنكون مستعدين لأي غدر، لذا يجب أن يتحمل هذا المجلس والمجتمع الدولي مسؤولياته بمعاقبة ومحاسبة المعرقلين الرافضين لوقف اطلاق النار… لقد قمنا بدورنا ، وحان الآن تقوموا بدوركم ، (اليوم ونحن نستمع للمداخلات نلاحظ تكرار جمل الدعوة بضرورة استئناف 5+5 ، ويجب استئناف انتاج النفط ، وضرورة احترام وقف اطلاق النار ، وانتهاكات حقوق الانسان يجب أن تقف ، ولكن لم نسمع ماذا ستفعلون حيال من لا يلتزم وماهي العقوبة؟)
السيدات والسادة:
يقودنا الحديث عن الأزمة التي تعاني منها بلادي وتفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية وانتشار السلاح، بسبب الانقسام والصراع والتدخلات الخارجية التي دامت لسنوات ، يقودنا الحديث إلى أهمية إيجاد حلول سياسية كاملة غير منقوصة، هدفها علاج جذور الأزمة وليس تأجيلها أو الالتفاف حولها ، ولذلك فإننا نعيد ما ورد في عدة مناسبات من قبل رئيس المجلس الرئاسي ، عن أهمية الإسراع في تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول مارس 2021 ، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتفق عليها الليبيون وحدهم ، لتنهي المراحل الانتقالية وحالة الفوضى ، وفي هذا الشأن نعيد ونكرر أن للشعب وحده حق تقرير مصيره ، ولا يمكن اعادة انتاج أجسام سياسية مفصلة على أشخاص ، وتكرار أخطاء السنوات العشر الماضية ، ولتكن الساحة مفتوحة للجميع وليتنافس المتنافسون. نحن نرى أنه في حالة وجود النية الصادقة لدى المجتمع الدولي وبدعم كامل من الأمم المتحدة والتنسيق مع باقي المنظمات الاقليمية ، فإن هذه العملية الانتخابية سيكتب لها النجاح ، ولنا تجارب في عدة دول يمكن البناء عليها ، (وكما ذكرت السيد وليمز اليوم نجاح العملية الانتخابية للبلديات ورغبة الناس للمضي نحو المسار الديمقراطي)
وحينها ستتمكن البلاد من انهاء أزمة الشرعيات وتوحيد المؤسسات ومواجهة بقية التحديات بالأخص الخدمية والقتصادية منها ، وتفعيل مشاريع اعادة الإعمار والبدء في مرحلة التنمية والازدهار للشعب الليبي .
لذا نحن نطالب الأمم المتحدة بالاستعجال في تعيين منصب المبعوث الأممي ، ولهذا المجلس الوصول الى توافق بالخصوص، لأن هناك من يستغل هذا الأمر لافشال المساعي الأممية ، ولا نرى مانع في المقترحات المقدمة لتعيين ممثل خاص للأمين العام ورئيساً للبعثة ، المهم لدينا اتمام التعيين واستئناف الحوار السياسي الشامل على وجه السرعة ، والأهم من ذلك توسيع دائرة المشاركة لتشمل بالاضافة الى أجسام الاتفاق السياسي ، القوى الفاعلة الحقيقية على الأرض من نخب وتيارات سياسية ومناطق ومكونات اجتماعية ، مهما كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية دون أي اقصاء كما حدث في مناسبات سابقة ، ويكون الاستثناء الوحيد من تورط وثبت اجرامه ولوث يديه بدماء الليبيين وفقاً للقانون ، ويتم في هذا الحوار بالاضافة الى نقاش المسار السياسي والعملية الانتخابية ، نقاش خطوات انهاء كافة أنواع التدخلات الخارجية ، وتفعيل قانون العدالة الانتقالية وجبر الضرر، وعودة النازحين من كل المدن والمهجرين منذ 2011 في اطار مشروع المصالحة الوطنية الشاملة. ، وهنا نعيد التذكير بأهمية دور الاتحاد الافريقي وبقيادة جنوب أفريقيا في هذا الأمر

السيدات والسادة،
تشكل انتهاكات حقوق الانسان التي قامت ولازالت تقوم بها الميليشيات الخارجة عن القانون والرافضة للديمقراطية والداعية الى عودة الاستبداد عاملاً رئيسياً لعدم الاستقرار، ونحن هنا نتحدث عن كل الانتهاكات من أي مجموعة كانت وفي أي مكان دون استثناء ، وفي هذا السياق تتذكرون الأعمال الهمجية التي قامت بها هذه المليشيات في حربها على طرابلس و استهداف للمدنيين ،وقصف عشوائي وزرع الألغام وعمليات القتل الجماعي ، كما شاهدنا من مقابر جماعية تم اكتشافها في مدينة ترهونة وكان آخرها فقط منذ أيام ، لتضاف اليها الآن أعمال اجرامية جديدة ، حيث قامت مجموعات تابعة لقوات حفتر يوم 8/26 باعتقال عدة مواطنين من قبيلة القذاذفة في سرت ، وقامت ما تسمى ”كتيبة طارق بن زياد“ وبالاستعانة بمرتزقة ، بانتهاك حرومات البيوت وترهيب الأطفال والنساء ، و قتلت أحد أبناء القبيلة بدمٍ بارد ويدعى ناصر اعويدات القذافي، كما حدثت عدة اعتقالات أخرى مشابهة في مدن الشرق ، مع وحملة استيلاء على أراضي وممتلكات للمواطنين . وفي هذا الإطار فإن حكومة الوفاق الوطني تود التأكيد على أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه الانتهاكات أو غيرها في أي مكان وستقوم بواجبها تجاه شعبها ، وتدعو بعثة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لضم هذه الأحداث في تحقيقاتها ، والعمل على إيقاف هذه الأعمال الاجرامية الممنهجة باعتبارها اعمال تؤكد نية هذه المليشيات تدمير البلاد وزرع الفتنة والعمل على استمرار أزمتها .
السيدات والسادة،
تؤكد حكومة بلادي أنها تدعم حق المواطنين في التعبير السلمي الذي يكفله القانون وحسب الإجراءات المعمول بها ، وأن خروج مظاهرات في عدة مدن ليبية الأيام الماضية كانت لمطالب عادلة رغم محاولة البعض تشويهها ، وعلى رأس هذه المطالب كان مكافحة الفساد والفاسدين ، ونؤكد أن مهمة الحكومة هي حماية التظاهرات السلمية واعطائها المساحة اللازمة للتعبير ، ونستنكر أي محاولات لقمعها بالقوة ، وهناك تحقيقات جارية الآن لما ورد من تقارير لبعض التجاوزات أوالاعتقالات ان وجدت والإفراج عن الأبرياء منهم ، وفي ذات الوقت لن تسمح الدولة باستغلال بعض الأفراد أو المجموعات باختراق هذه التظاهرات والمطالب والحقوق ، والقفز عليها من أجل خلق الفوضى ، وتشويه هذا المظهر الحضاري للدولة المدنية التي نطمح لها.
إن الفساد على مدار سنوات تسبب بلا شك في تدهور الوضع الاقتصادي والخدمي لدي المواطن ، لذا قامت الحكومة مؤخراً بحزمة من الاجراءات والمعالجات لمواجهة هذا الأمر ، كان على رأسها تفعيل الادارة اللامركزية باستكمال الاطار التشريعي ونقل الاختصاصات ذات الطابع المحلي للبلديات ، وتفعيل نظام الايرادات المحلية. كلها خطوات من شأنها دعم الحكم المحلي وانهاء مركزية القرار وتحسين الخدمات ، وهذه الاجراءات بالتأكيد غير كافية والمشوار لازال طويلاً ، وتؤكد الحكومة أنها لن تدافع عن أي فساد ، وللمؤسسات الرقابية وأجهزتها كامل الصلاحية للقيام بدورها في هذا الشأن.
وختاماً ، ومن جديد نؤكد على خيار السلام وتبني الحل السلمي الذي يحقن دماء الليبيين، لذا ندعو الليبيين للابتعاد عن الخلافات التي من شأنها إطالة معاناة الشعب، واستبعاد التدخل الأجنبي بشكلٍ نهائي ، وايجاد إرادة وطنية ومصالحة وطنية شاملة هو السبيل الوحيد للاستقرار ولم الشمل وفرض سيادة الدولة

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.