الرئيسية مقالات الكاتبة التونسية إسلام عيفه تكتب…”التعددية السياسية في تونس .. نسخة مشوهة”

الكاتبة التونسية إسلام عيفه تكتب…”التعددية السياسية في تونس .. نسخة مشوهة”

الأربعاء 17 مارس 2021 - 12:04 ص

لطالما كانت التعددية السياسية فصلا من فصول الديمقراطية و تجل من تجلياتها وهي السلاح الذي تحارب به الحكم الفردي الذي كرس حكم طبقة معينة و مارس عنصرية معمقة ضد مختلف طبقات الشعب لتعيش الأسرة الحاكمة بجميع الامتيازات و يعيش البقية من أجل توفير تلك الرفاهية للقائم على الحكم .
ربما تكون هذه الفكرة الأصولية و النمطية لتعريف الحكم الملكي القديم الذي حاولت فكرة تعدد الأحزاب أن تبطل تبعاته على الدولة المدنية بكل ماتحمل من مصلحة عامة في توفير عيش كريم للمواطنين و ضمان تطور جيد للمؤسسات و الهياكل .
ربما في مضمونها و قلبها تنبني التعددية السياسية على فكرة المشاركة و التشريك و أعني هنا بالمشاركة استثمار كافة الكفاءات من أجل الاستفادة من الخبرات المتعددة .. هي في فكرة لها تجل إيجابي بطبعها بما فيها من دعم لسلطة المساواة و بالتالي تطوير نموذج الدولة القوية و الشعب المتشبع بالحرية و الديمقراطية.. ولكن إلى أي مدى تم تطبيق فكرة التعدد الحزبي في تونس بشكله المناسب؟
إجابة على هذا السؤال و بالنظر إلى مايدور في جل مؤسساتنا و محيطنا السياسي يبدو الواقع بعيدا كل البعد عن الصورة المطلوبة فقد تحولت المشاركة الإيجابية إلى صراعات و تبادل للاتهامات .. فكأنما أصبحت الحياة السياسية حربا كلامية يبرأ فيها كل طرف نفسه و يدين غيره من التيارات .. صراعات طوقت الإعلام و الأجسام السياسية على رأسها البرلمان فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي التي زادت الحرب اتقادا .. أصبحت الفوضى تعم جميع تلك المنابر رغم التظاهر بالرصانة..لكن العنف اللفظي و حتى المادي كشف هذه الرصانة على حقيقتها .
فأين فرصة تونس لعيش تعددية تتيح لها التعايش السلمي في الحياة السياسية بين مختلف مكوناتها ؟ فكأن وجود التعدد السياسي يفرض العداء بدلا من التفكير في الصالح العام .. كما أصبح الرأي المخالف يتطلب كراهية .. وهذا ماسقطنا فيه .. خطاب الكراهية .
لم تتغير الأفكار بل تغيرت فقط الأشخاص فبدل أن تكون الكراهية تجاه شخص أو كيان واحد متمثل في العائلة الحاكمة أصبح تبادل الكراهية يعم جميع الأطراف في الساحة السياسية و حتى عند عامة الشعب .. فالأصل في الاختلاف أن نكمل بعضنا بعضا لكن مبدأ الاختلاف في مساره الصحيح لم يلق حظه في بيئتنا .. فهل علينا أن نحكم على نموذج التعددية بأنه مشروع فاشل ؟
طبعا لا فالعيب ليس في الموذج بل هو في استخدامه و توظيفه بطريقة تحيد به عن نهجه الأصلي .. العيب كل العيب في مجتمعات مازالت لم تعتد بعد على قوة و عمق مصطلح الديمقراطية و تطبيقها بنسختها الأصلية .. ربما مازلنا نعيش بذات أفكارنا التقليدية النرجسية فيرى كل منا نفسه على حق و غيره على ضلالة فبدل أن تتغلب روح المجموعة على طغيان الفرد نكتشف أن ذلك الطغيان القديم تجذر و مايزال حاضرا و لكن بصور كثيرة و مختلفة .

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.