الرئيسية مقالات طوفان الهجرة القادم

طوفان الهجرة القادم

الخميس 30 نوفمبر 2023 - 7:33 م


أصدر المجلس العسكري الحاكم في النيجر قراراً بإلغاء قانون مكافحة الهجرة والذي لعب في الماضي دوراً كبيراً في الحد من شبكات تهريب المهاجرين من القارة الافريقية إلى أوربا.

هذا القرار الذي يبدو أنه جاء رداً على الموقف الغربي من الانقلاب في النيجر اعتبره مسؤولين أوربيين تهديداً مباشراً للاتحاد الأوربي محذرين من تزايد أعداد الضحايا من بين المهاجرين في الصحراء والبحر المتوسط. تداعيات القرار لن تنحصر على النيجر والاتحاد الأوربي، في الحقيقة ليبيا ستدفع الثمن الأكبر لطوفان الهجرة التي يحاول افتعاله العسكريون في النيجر.

فليبيا هي الدولة التي يمر من خلالها معظم المهاجرين والكثير منهم يبقى لشهور وسنين في البلاد مما يزيد من المخاطر الأمنية والمجتمعية. كمان أن قرار النيجر لا يمكن فهمه إلا من خلال الدور الروسي الذي يحرك الانقلابيين في النيجر ويسيطر على مناطق استراتيجية في ليبيا والمنطقة.
يخشى العديد من الليبيين من هذا الطوفان القادم لا لأن ليبيا ملتزمة بمعاهدات واتفاقات لمنع تهريب البشر وحسب بل لأن ليبيا عانت وتعاني الكثير من تدفق المهاجرين الغير شرعيين والاتجار بالبشر حيث تغذي هذه التجارة الميليشيات الاجرامية في العديد من المناطق وهددت الاستقرار الأمني وأشعلت نيران الصدامات المسلحة فيها عدة مرات. كما أن الانتشار الكبير للمهاجرين الأفارقة ترافق مع ازدياد مرعب في الحوادث الجنائية وعصابات السطو والدعارة الأمر الذي يهدد المجتمع الليبي المحلي وبنيته الثقافية. باختصار القرار في النيجر له تداعيات خطيرة على ليبيا وأوربا والعديد من الدول الافريقية الأخرى والسؤال هو ما الذي دفع العسكريين في النيجر لاتخاذ هذا القرار.
للاجابة على هذا السؤال لابد لنا من أن نتذكر أن المستفيد الأكبر من اغراق المنطقة بالمهاجرين لاستخدامهم كسلاح هو روسيا التي تحاول الضغط على الغرب كجزء من صراعها معه في أوكرانيا وغيرها. هذا ما يفسر اهتمام الكرملين بالسيطرة على الحكومات في افريقيا من خلال دعم الحركات الانقلابية سواء في النيجر ومالي وبوركينافاسو وغيرها وسعي الروس للسيطرة على الموانئ الليبية في الشرق التي قد تستخدم في تهريب البشر مقدمة مصدراً جديداً للدخل للمرتزقة الروس وغيرهم من الجماعات المسلحة المواليه لها. للأسف لا يهتم صانع القرار الروسي بتأثير هذه السياسات على حياة المهاجرين أو المواطنين في دول العبور كليبيا العالقين في صراع لا علاقة لهم به.
تسهيل الهجرة من افريقيا إلى أوربا من خلال ليبيا هو فرصة للاثراء لمهربي البشر والعصابات الاجرامية التي تستغل المهاجرين العالقين في بلادنا لسنين قادمة، كما أنها ستكون ورقة ضغط في أيدي الروس ضد خصومهم الغربيين. أما المتضرر الأكبر فهم الليبييون الذين سيعانون الأمرين من تزايد العنف وفوضى السلاح والجريمة المنظمة.

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.