الرئيسية مقالات الاختلاف في الرأي لا يحتاج مصالحة وإنما لإذكاء روح التنافس

الاختلاف في الرأي لا يحتاج مصالحة وإنما لإذكاء روح التنافس

الخميس 28 فبراير 2019 - 2:06 ص

من الأخطاء الشائعة في ليبيا، هي الدعوة للمصالحة على اختلاف الرأي، وهذا فيه رفض صريح لثقافة الاختلاف التي تنتج التنوع اللازم لتطور أي دولة، فتوحيد الرأي من عقول خلقها الله مختلفة لتتنوع الحياة وتتكامل حاجات الناس، أمر مستحيل لا يمكن حدوثه، لأنه مخالف للفطرة، ويبقى الخلل في عدم قدرة المجتمعات المتخلفة على توظيف الاختلاف في الاتجاه الإيجابي، لا بل تشن الحروب لفرض الرأي بالقوة، وينشأ عن هذا نظام ديكتاتوري يصادر الفكر ويوحد الرأي، فيعطل الابداع ويوقف الإنتاج ويقاوم التطور.

وعليه فإن المجتمع الذي مازال بعضه يتمسك بالقيم العتيقة، ويقدم القبيلة عن الوطن، والجهوية عن المواطنة، والمحاصصة عن الكفاءة، وينتشر فيه الفساد، فالتغيير يجب أن يبدأ في المفاهيم ونمط الحياة. وهذا الخلل تمت معالجته في العصر الحديث، بجمع الناس حول مشاريع توحد جهودهم على اختلاف مشاربهم، وهو السبيل الوحيد للتخلص من توظيف اختلاف الرأي في الاتجاه السلبي، ومحاربته باللجوء إلى المصالحة، التي لا يجب ان يكون مجالها مصالحة الإنتاج الفكري.

هذا الهدف لا يتحقق الا عن طريق التجمعات الحزبية او التيارات السياسية التي تعمل بالعقل الجماعي، وتذوب فيها الهوية الجهوية في بوتقة الوطن، ويجتمع المنتسبين لهذه الكيانات على مشروع يكون لكل فرد منهم دور مكمل لرفيقه، حتى ينتج من جهودهم التعاضدية مشروعا يتنافسون به عبر صناديق الاقتراع مع مشاريع أخري، ويأتي دور الأفراد كجزء من آلية تنفيذ المشروع، الأمر الذي يلزمهم بتقديم الأكفأ منهم، لان هدفهم سيكون منصبا على فوز مشروعهم في مواجهة المشاريع الأخرى، فتصبح للمواطن قيمة وكرامة، لان صوته هو من سيدير عمليات التنافس بين المتنافسين. فيعم الخير وتزدهر البلاد.

د. فرج دردور

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.