الرئيسية اقتصاد عطيه الفيتوري يكتب … الاحتكار في الاقتصاد الليبي

عطيه الفيتوري يكتب … الاحتكار في الاقتصاد الليبي

الأربعاء 21 نوفمبر 2018 - 2:15 م

الاحتكار ظاهرة فى بعض أسواق السلع فى كل بلدان العالم ، حيث ان احتكار تسويق سلعة معينة فى السوق ( monopoly ) قد يكون احتكارا طبيعيا ، حيث لا يمكن وجود أكثر من مزود واحد للسلعة أو الخدمة مثل ذلك الكهرباء والغاز والمياه والتليفون الارضى ..الخ فى المدينة او حتى الاقليم لا يمكن وجود أكثر من مزود واحد وهذا الوضع يطلق عليه احتكار مطلق طبيعى

ولكن هناك نوع اخر من الاحتكار يسمى احتكار القلة أو الاحتكار المتعدد (oligopoly ) حيث يوجد عدد قليل من بائعي السلعة أو الخدمة لدرجة ان اى واحد منهم يؤثر فى العرض من السلعة أو السعر . وهذا النوع من الاحتكار يظهر بسبب عوامل السوق وسيطرة هذا العدد القليل ، وبالتالى من الصعب دخول مقدم جديد للسلعة لأن الموجودين يحاربونه بتخفيض السعر وغير من وسائل الطرد .

الحكومات حتى فى البلدان الرأسمالية تمنع الاحتكار وتحد منه إذا لم يكن طبيعيا ، وتسن القوانين لذلك ، وتتدخل فى تحديد سعر السلعة ، فمثلا شركات النفط عددها محدود فى امريكا وبالتالى تحدد الحكومة الامريكية سقف لسعر البنزين في المحطات ، لايجوز تجاوزه إلا بإذن من السلطات المختصة . كما تحدد سقوف لاسعار السلع الاخرى مثل الكهرباء …الخ

كما تحقق هذه البلدان واحيانا تمنع اندماج الشركات ذات نفس النوع من النشاط ، وكذلك المصارف التجارية لكى لا يكون ذلك مؤديا للاحتكار ، لأن المتنافسين فى السوق يحاول كل منهم إقصاء الآخر وإخراجه من السوق ليتم له السيطرة على العرض والسعر .

أسعار السلعة الواحدة تجدها فى هذه البلدان المتقدمة اقتصاديا نفس السعر عند كل البائعين ، ولا يوجد فرق فى السعر بين المحلات ، وهذا يحدث حتى فى البلدان النامية مثلا تونس ومصر والاردن …الخ لا تجد فرق فى سعر السلعة سواء مواد غذائية أو أدوية أو غير ذلك .

فى ليبيا هناك احتكارات كثيرة منها الطبيعية ومنها غير الطبيعية مثل الكهرباء والغاز والبنزين والاسمنت والمشروبات الغازية والمكرونة والأسلاك الكهربائية والياغورت …الخ ، ومايهمنا هنا هو الاحتكارات غير الطبيعية ، سواء التى تقدمها شركات عامة ام خاصة ، وسواء كانت انتاج محلى او استيراد .

هناك تفاوت كبير بين البائعين فى سعر السلعة ، ويصل هذا التفاوت احيانا الى اكثر من 50% من السعر .

والاحتكار موجود فى السوق الليبي بسبب صغر السوق من ناحية ، وسيطرة بعض الموردين من ناحية اخرى ، وخاصة موردوا ماركات معينة من السلع لها شهرة وقبول عند الليبيين أكثر من غيرها .

هذا فى واقع الامر احد اسباب التضخم فى الاقتصاد الليبي . يسيطر على توريد بعض السلع أشخاص لا يخافون الله ولا يرحمون العباد ، همهم الوحيد هو تحقيق أعلى ربح ممكن . وانا هنا لا اقول كل الموردين بل بعضهم ، لأن هناك منهم الاتقياء الذين يخافون الله قبل خوفهم من الحكومة . كما اننى لا القى اللوم على الموردين المخالفين بل ايضا القى اللوم على بعض اصحاب المحلات والصيدليات وغيرها من تجار التجزئة .

تقف الحكومة كالمتفرج لا تحرك ساكنا ، وكأن الامر لايهمها ، وكأن حماية المستهلك ليست من اختصاصها ، بالرغم من أن قانون النشاط التجارى يعطيها الحق ، سواء لوزير الاقتصاد او لمجلس الوزراء ، بالتدخل وتحديد أسعار السلع ومراقبتها ومعاقبة المخالفين .

أقول لحكوماتنا لا تنظروا بعيدا الى امريكا او المانيا او غيرها من الدول ، بل انظروا الى جيراننا ، مصر ، تونس ، الاردن ..الخ وكيف أن سعر السلعة موحد عند كل البائعين وفى كل المدن دون اختلاف . لماذا لا تنفذ المواد الواردة في قانون النشاط التجارى و تحمى المستهلك من جشع بعض التجار .

 

 البروفيسور عطيه المهدي الفيتوري

أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي 

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.