الرئيسية مقالات القادة العرب يجلسون على طاولة واحدة وسط خلافات بينهم

القادة العرب يجلسون على طاولة واحدة وسط خلافات بينهم

الأحد 30 أكتوبر 2022 - 8:20 م

أسطر – بقلم عبير محمد

قمة عربية جديدة في نسختها 49، بمشاركة 15 قائدا عربيا سيجتمعون هذه المرة بالجزائر، لمناقشة قضايا وأزمات طال الحديث عنها، فما الجديد الذي ستقدمه هذه القمة؟

انطلقت التحضيرات لقمة الجزائر باجتماع المندوبين، ثم وزراء الخارجية، قبل أن تلتئم القمة العربية للمرة الأولى للقادة العرب منذ قمة تونس سنة 2019، تحضيرات لم تخلو من الأحداث ولم يغب الصراع الجزائري المغربي عنها.

*بوريطة في الجزائر للمرة الأولى منذ بداية الخلاف بين البلدين


مثل حضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للاجتماع التحضيري للقمة العربية على مستوى وزراء الخارجية، تطورا إيجابيا بعد القطيعة بين البلدين التي تسببت بها قضية الصحراء، لكن هذا التطور صاحبه جدلا أثارته قناة الجزائر الدولية، بعد نشرها خريطة للمغرب الأقصى التي احتجت عليها المملكة بمبرر اجتزاء الصحراء من أراضيها، وفيما تداول الإعلام الجدزائري أنباء عن انسحاب بوريطة من اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد خلاف نشب بينه وبين نظيره الجزائري رمطان لعمامرة، نفت مصادر مغربية حدوث ذلك، مؤكدة أن الوفد المغربي بقي داخل القاعة، واحتجّ على عدم احترام خارطة المغرب، كما هو متعارف عليها، من جانبها أصدرت القناة الجزائرية بيانا اعتذرت فيه مبينة أن ما حدث مجرد خطأ.

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية العرب بالجزائر

وبخصوص مشاركة العاهل المغربي محمد السادس من عدمها في القمة العربية، مازلت الأوساط المغربية تتحدث عن عدم تأكيد مشاركته، رغم أن الجزائر قد شددت على أن جبهة البوليساريو غير مدعوة لحضور القمة، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشر على أن النظام الجزائري يرغب بترميم علاقته بجارته الغربية، فيما يرى آخرون بأن الرئيس عبد المجيد تبون لا يريد لأي خلاف أن يفسد الحدث الذي تجتهد بلاده في إقامته على أحسن مستوى بل يعتبره الجزائريون اختبارا هاما لبلدهم.

*غياب بن سلمان عن قمة الجزائر لأسباب صحية أم لمخاوف أمنية؟

كان لولي العهد السعودي محمد بن سلمان جولات خارجية الفترة الأخيرة، أبرزها زيارته إلى تركيا وفرنسا واليونان، لكن قبيل انعقاد القمة العربية بالجزائر، أعلن الديوان الملكي السعودي، إنابة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان برئاسة وفد المملكة إلى القمة بعد تعذر قيام بن سلمان بذلك لأسباب طبية.
وأوضح الديوان الملكي أن “الفريق الطبي في العيادات الملكية أوصى بتجنب بن سلمان السفر بالطائرة لمسافات طويلة دون توقف، وذلك لتجنب رضح الأذن الضغطي والتأثير على الأذن الوسطى، “وأضاف البيان أن ذلك أدى إلى تعذر قيام ولي العهد السعودي بزيارة الجزائر “أخذاً في الاعتبار طول مدة الرحلة في الذهاب والعودة خلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة”.

الرئيس الأمريكي جو بادين مع ولي العهد السعودي خلال زيارته للرياض


إلا أن محللون يرون اعتذار بن سلمان ليس سببه وضعه الصحي وإنما لوجود مخاوف على سلامته الشخصية ولدواع أمنية وسط أنباء عن إمكانية حدوث انقلاب داخل القصر الملكي بيد أمريكية، وهو ما يوضحه تقرير للصحيفة الأمريكية وول ستريت جورنال التي تحدثت عن خلاف عميق بين واشنطن والرياض، بدأ من اغتيال الصحفى جمال خاشقجي، إلى قرار تكتل أوبك بلس بشأن خفض إنتاج النفط، حيث اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قرار السعودية وأوبك بلس قد تسبب في ارتفاع أسعار النفط، وأنه قرار “يصب في جيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويساعد في زيادة تمويله”، وأخيرا تعقد الخلاف أكثر بعد ما سخر بن سلمان من بايدن، وهو ما قالت عنها وول ستريت جورنال أسبابا كافية لدق واشنطن مسمارا في عرش بن سلمان.
والواضح أن بن سلمان ليس المتغيب الوحيد عن القمة، فقد اعتذرت كل من وسلطنة عمان لبنان، ومن المتوقع أن يغيب قادة الإمارات والبحرين والكويت، وهو ما يعد تحديا حقيقيا للجزائر في إنجاح قمتها.

*قضايا حارقة على طاولة القمة وسط خلافات عربية بشأنها

إلى جانب القضية الفلسطينية التي تعد الملف الحاضر على الدوام، والذي راهنت عليه الجزائر قبيل القمة بتوسطها في اتفاق للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، من المنتظر أن يناقش القادة العرب تطورات الأزمة الليبية، والتي رغم الجهود الدولية الأخيرة، مازلت تراوح مكانها، وسط مخاوف من اندلاع حرب جديدة، ولربما تتشارك كافة الأطراف العربية هذه المخاوف إلا أنه لايخفى على أحد، الخلاف الجزائري المصري بخصوص ليبيا، والذي يظهر جليا على مستوى دعم الجزائر لحكومة الوحدة الوطنية ووقوف القاهرة مع حكومة الاستقرار المكلفة من البرلمان، وإن كان ترؤس وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش لاجتماع مجلس وزراء العرب بالقاهرة قد دفع نظيرها المصري سامح شكري إلى الانسحاب، فإن مشاركة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة قد تثير إشكاليات خلال القمة خاصة وأن مصر تعتبر حكومته غير شرعية ومنتهية الولاية.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر برلين 1 بشأن ليبيا

ذات الخلاف يبرز بخصوص عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، عودة تؤيدها الجزائر بقوة إلى جانب البحرين، تونس والإمارات، إلا أن وجود اختلافات حادة بشأن هذه الخطوة، دفعت بالنظام الجزائري إلى تأجيلها.

وبين هذه الخلافات، ينتظر أن تكون مسألة الدور التركي في سوريا والعراق وليبيا إضافة إلى الملف الإيراني، ضمن جدول أعمال القادة العرب، خاصة مع التطورات الأخيرة والاتفاقيات الأخيرة بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية، إضافة إلى الحديث عن وجود تعاون إيراني جزائري فيما يهم قضية الصحراء، فهل سيتفق العرب بشأنها أم سيكون الخلاف سيد الموقف بينهم؟

49 قمة عقدها العرب، على أمل أن يجدوا حلولا لأزماتهم التي بدأت باغتصاب الكيان الصهيوني لأرض عربية، إلى استباحة الغرب لأرض العراق وسوريا وليبيا وانتهت بحصار عربي لليمن، 49 قمة والعرب يتحدثون، يرفضون، يحتجون، لكن على ما يبدو أن 49 قمة غير كافية لرفع الصوت العربي عاليا وعلى كلمة واحدة لأجل كرامة المواطن العربي، الذي يواجه الموت وحيدا في ريف دمشق، في ساحات بغداد، في شوارع طرابلس، وتحت أنقاض اليمن السعيد، وكما قيل “شر أدواء العرب داء انقسام أهله، يتحدون على الاختلاف، ويختلفون على الاتحاد، فقد اتفقوا ألا يتفقوا”.

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.