الرئيسية العالم “صراع الإخوة” .. الخاسر الشعوب المغاربية والرابح القوى الغربية

“صراع الإخوة” .. الخاسر الشعوب المغاربية والرابح القوى الغربية

الخميس 06 أكتوبر 2022 - 2:14 ص

أسطر – عبير محمد

المغرب العربي، يتقاسم التاريخ العريق ويتشارك سكانه العادات والتقاليد، لكن فرقته السياسة وحكم المصالح، وبات قطع العلاقات سيد الموقف بين دوله، آخرها الأزمة بين تونس والمغرب.

صعد المغرب من موقفه بعد استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد، زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في 26 أغسطس على خلفية مشاركته في قمة تيكاد8، حدث شكل فارقا في العلاقات التونسية المغربية وأضاف للمشهد المغاربي، أزمة جديدة مع التوتر المغربي الجزائري وتعقد الملف الليبي.

*تونس والمغرب علاقات دبلوماسية فاترة وشراكة اقتصادية لا تخلو من المنافسة !

فجر استقبال الرئيس سعيد لزعيم البوليساريو، غضب الرباط التي سارعت للانسحاب من قمة “تيكاد8″، رغم أهميتها الاقتصادية وحجم الاستثمارات التي خرجت بها الدول الأفريقية المشاركة في القمة واليابان، وبذلك ضرب المغرب عرض الحائط، صفقات هامة للتعبير عن “سخطه” من تونس، معتبرا أن ما قام به سعيد يمس من سيادته الوطنية ويضر بوحدة أراضيه وسلامتها.

اقتصاديا، يعتبر المغرب الشريك الاقتصادي الثالث لتونس على المستوى المغاربي، ويربطهما اتفاق للتبادل الحر منذ 23 سنة تقريبا، والذي استفادت منه تونس بدرجة كبيرة، حيث تفوق صادرات تونس إلى المغرب، الواردات بنسبة 50%، في المقابل يتنافس البلدان على جذب الاستثمار الأجنبي، وأن كانت تونس قد دفعت فاتورة ثورة 2011 وعدم الاستقرار السياسي والأمني بخسارتها عددا هاما من الاستثمارات فإن الرباط قد استفادت من الحالة التونسية، وكانت الوجهة المثالية للمستثمرين.

وبذلك يعتبر مراقبون بأن واقع العلاقات بين البلدين، لم يكن بأحسن حال، في ظل المنافسة الاقتصادية، وبرود العلاقات الدبلوماسية، حيث كانت آخر زيارة للملك المغربي محمد السادس لتونس سنة 2014، زيارة أسالت حبر الصحافة التونسية التي تحدثت عن وقوع تلاسن بين العاهل المغربي والرئيس الأسبق المنصف المرزوقي على خلفية موقف الأخير من قضية الصحراء الغربية، لكن الديوان الملكي آنذاك نفى ذلك.

الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي والعاهل المغربي محمد السادس خلال زيارته الأخيرة لتونس سنة 2014

*المغرب يتهم التونسيين بالخروج عن خط الحياد

اعتبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في تصريحات سابقة بأن تونس قد تخلت عن نهجها في الحياد، وأول الإعلام المغربي خطوة الرئيس التونسي واستقباله للزعيم الصحراوي على أنه اصطفاف لصالح الجزائر وأن تونس البلد الذي قام السنة الماضية، بالتصويت لصالح الجزائر تحت قبة الأمم المتحدة فيما يهم قضية الصحراء، قد أضحى الحديقة الخلفية للجزائريين يتحكمون بتوجهاته.

في المقابل يعتبر الصحفي الجزائري “رشيد شويخ” في حديث لصحيفة “أسطر”،  بأن استقبال تونس لزعيم جبهة البوليساريو فعل سيادي، ويدخل في نطاق البروتوكولات العادية، مشددا على أن الموقف المغربي لا يمت للدبلوماسية بصلة وفيه نوع من الاستخفاف بتونس، لأن الزعيم الصحراوي تم استقباله في دول عديدة، أوروبية وأفريقية، وحضر عديد الاجتماعات وفق تعبير شويخ

الرئيس التونسي قيس سعيد يستقبل زعيم البوليساريو إبراهيم غالي

وأكد شويخ بأن المغرب يريد فرض رؤيته بالقوة على الكل، من خلال منظوره للقضية الصحراوية، التي هي في الأمم المتحدة وتخضع لقضايا تصفية الاستعمار ولا يمكن بأي حال من الأحوال فرض الرؤية المغربية على كل الأطراف، مضيفا بأن ما قام به قيس سعيد لا يمكن أن يوضع في خانة تخلي تونس عن موقفها الحيادي، بل هو فعل بروتوكولي ديبلوماسي، وقال شويخ إن “المغرب يفتعل هذه الأزمات لأنه هناك تقارب كبير بين تونس والجزائر، وطبيعة العلاقة بين البلدين القوية، فالجزائريون يرون تونس شقيقتهم في النضال ضد الاستعمار ولم تخنهم مثلما فعل المغرب أيام الثورة التحريرية، الذي سلم طائرة لقادة الثورة الجزائرية إلى الفرنسيين، كما أنه غداة الاستقلال أراد ملك المغرب السابق حسن الثاني اجتياح الأراضي الجزائرية وانتزاع بشار وتندوف”

*الصحراء الغربية تشعل فتيل الأزمات المغاربية وسط تغير خارطة التحالفات الدولية

بمساحة لا تتجاوز 266 ألف كيلومتر مربع، تتكون أساسا من صحراء مستوية، وبكثافة سكانية الأقل في العالم، تحرك الصحراء الغربية، المشهد المغاربي، وتحدد توجهات دول تربط علاقاتها وفق المواقف المعلنة من القضية الصحراوية، وأبرز مثال على ذلك، الصراع التاريخي بين الجزائر والمغرب، بين حرب باردة، ورمي للتهم، وقطع حبل الود، لتضاف إلى هذا الصراع، جمود العلاقات بين الرباط وتونس، وسط تغير في خارطة العلاقات الدولية وبروز رؤية جديدة تقودها القوى الغربية

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي الليبي “إدريس حميد” بأن المغرب الكبير لايستحمل المزيد من الانقسامات والخلافات، منوها إلى أن التحالفات الدولية تتحكم في طبيعة العلاقات بين المغاربة، من التحالف الروسي الجزائري ورغبة الأوروبيين وأعينهم على الغاز والنفط في عقد تحالف قوي مع الجزائر، إلى التقارب الأمريكي المغربي خاصة بعد اعتراف واشنطن بسيادة الرباط على الصحراء.

كما أكد حميد لصحيفة “أسطر” بأن الازمات الحالية التي يشهدها المغرب العربي لها تداعيات سلبية على عديد الأصعدة، مشيرا إلى أهمية التوافق بين دول الجوار الليبي، وأثره على حل الأزمة الليبية.

من جانبه يعتقد الصحفي الجزائري “رشيد شويخ” بأن العلاقة التي تربط المغرب بإسرائيل، تهدد أمن المنطقة، منوها إلى أن تونس لم تستنكر ولم تقم بانتقاد العلاقات المغربية والاسرائيلية، في المقابل يصف شويخ الموقف المغربي بالمتخبط، موضحا بأن الدبلوماسية المغربية خاصة منذ تولي ناصر بوريطة منصب وزيرالخارجية، باتت الرباط لا تلقي بالا لردود الفعل والتداعيات وفق تعبيره

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظرائه المصري والإسرائيلي والإماراتي والبحريني والأمريكي خلال قمة النقب بإسرائيل

في المقابل تحدث حميد عن أهمية تفعيل اتحاد المغرب العربي، وأهميته للمنطقة ولشعوبها، مشيرا إلى أنه قد حان الوقت للم الشتات المغاربي ورأب الصدع بين الأشقاء، للنهوض بالمنطقة اقتصاديا وترميم العلاقات الدبلوماسية.

شرخ مغربي جزائري تونسي، تسببت به القضية الصحراوية واستغله الغرب للتفريق بين حكومات الدول الثلاث، منتهجا مبدأ، “فرق تسد”، وفيما تكبر الخصومات السياسية، تعاني الشعوب المغاربية من النظرة الضيقة لقادتها، نظرة دفع ثمنها الشعب التونسي من قوته وأمنه، وسدد فاتورتها الشعب الليبي من دمه وسلامه، وكان مقابلها في المغرب والجزائر، الحرية والعدل، فأي مستقبل للمغاربة بعد هذا؟

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.