الرئيسية مقالات الانتخابات في ليبيا بين الإرادة الدولية وتوافق الأطراف السياسية

الانتخابات في ليبيا بين الإرادة الدولية وتوافق الأطراف السياسية

الأثنين 19 سبتمبر 2022 - 1:32 ص

بقلم / محمد خليل

شكل تاريخ وقف إطلاق النار في ليبيا في الثالث والعشرين من أكتوبر 2020، منعطفا هاما نحو نقل الصراع في البلاد بين معسكري الرجمة وطرابلس من الحالة العسكرية إلى السياسية، وما ترافق ذلك من عقد ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس وجنيف، الذي تم بإشراف الأمم المتحدة، وأسفر عن انتخاب مجلس رئاسي وحكومة جديدة في فبراير 2021 أُطلق عليها حكومة الوحدة الوطنية، كانت مهمتها الرئيسية توحيد المؤسسات، وعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر من نفس العام.


بروز الخلافات مجددا


بعد أسابيع قليلة من مباشرة الحكومة مهامها سرعان ما بدأت الخلافات حول الميزانية والانتخابات، بين رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة الذي ينحدر من مدينة مصراتة، ومعسكر الرجمة الذي يمثلانه كل من الجنرال خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، حتى وصلت الأحداث لإجهاض العملية الانتخابية، ووأد حلم أكثر من 2.5 مليون ناخب سجلوا في قوائم الانتخابات.


صراع الحكومتين


في الأول من مارس من هذا العام وفي خطوة فردية رفضها المجلس الأعلى للدولة، صوت مجلس النواب في طبرق على منح الثقة لحكومة محاصصة جديدة برئاسة فتحي باشاغا وزير الداخلية السابق وأحد قيادات مدينة مصراتة، وتم إعطاء وزارات الدفاع والمالية والتخطيط والعدل لمعسكر الرجمة؛ هذا التعيين أثار رفضا واستهجانا كبيرين في معسكر طرابلس حال دون مباشرة الحكومة الجديدة أعمالها في العاصمة وسط تعنت أيضا من حكومة الوحدة الوطنية للتسليم للحكومة الجديدة.
بلغت ذروة الصدام بين حكومتي دبيبة وباشاغا بإندلاع اشتباكات عسكرية في عدة مناطق بطرابلس يوم السابع والعشرين من أغسطس الماضي، أسفرت على السيطرة الكاملة لحكومة الوحدة الوطنية، وتغير الخارطة الأمنية والعسكرية في العاصمة حيث انحصرت في أربع قوى رئيسية تتمثل في: لوائي 444 و 111، وجهازي الردع الخاص ودعم الاستقرار، واندثار القوى الأخرى المحسوبة على حكومة باشاغا.


حراك سياسي دولي


بعد فترة من الجمود السياسي الذي استمر لأشهر وبالتزامن مع تعيين رئيس جديد لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، انطلقت الأسابيع الماضية مشاورات سياسية مكثفة في اسطنبول، القاهرة، الدوحة، حيث زارت أبرز الأطراف والشخصيات السياسية الليبية تلك العواصم، وألتقت بعديد المسؤولين، وجرى التداول في مقترحات للخروج من حالة الانسداد الحالي؛ تمثلت في تعديلات وزارية على حكومة دبيبة وتشكيل مجلس رئاسي جديد برئاسة عقيلة صالح، أو استمرار المجلس الرئاسي الحالي مع تشكيل حكومة جديدة مصغرة برئاسة شخصية تكنوقراط تقود البلاد نحو الانتخابات.


تجدر الإشارة بالذكر هنا أن تلك المقترحات لم تعالج الخلافات الجوهرية التي تعذر بسببها الوصول للإنتخابات والتي تتمثل في القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية؛ مما يعني أن تشكيل حكومة جديدة قفزة أخرى في الهواء وإطالة فقط لأمد المراحل الانتقالية، وما لم تحدث إرادة دولية حقيقية وخصوصا مع التطورات المتسارعة في حرب أوكرانيا وأزمة الطاقة المشتعلة في أوروبا، والتي من المأمول أن تعزز الدور الأوروبي أكثر نحو الحل والاستقرار في ليبيا، التي تعد سوقا واعدا للطاقة يطل على الشواطئ الأوروبية؛ وهنا من مصلحة الدول الغربية الضغط نحو الانتخابات والعمل على اتفاق الأطراف السياسية الليبية التي أثبتت في مراحل سابقة أنها عاجزة عن التوافق المحلي وتحتاج دائما لغطاء دولي حتى تمضي قدما، وهذا ما حدث في الصخيرات وجنيف، لكن هذه المرة الليبيون يريدون الانتخابات ولا شيئ سوى الانتخابات.

وسوم:

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.